أحيت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الأربعاء الماضي، ذكرى انطلاقتها الـ35، في ساحة الكتيبة الخضراء في غزة، بمشاركة مئات الآلاف من كوادر الحركة وأنصارها، في حشد جماهيري هو الأكبر منذ سنوات، بمشاركة واسعة من الفصائل والقوى الفلسطينية، والأجنحة العسكرية، ونواب المجلس التشريعي، وغيرهم، وهي عادة عند الحركة تتبعها منذ تأسيسها، الذي تزامنت مع اندلاع الانتفاضة الأولى 1987، وقد كان لها دورٌ مقاوم فعال في تأجيج الانتفاضة، وقد قدَّمت الحركة أعدادًا من الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، وأمس شهد مهرجانها السنوي عدة فاعليات وخطابات لقادتها السياسيين والعسكريين والميدانيين، حمل عدة رسائل يترقبها العدو والصديق، لما لها من مدلولات سياسية وعسكرية، تدل على إنجازاتها وتألقها وتقدمها ونجاحها.
ما لفت انتباهي -بصفتي متابعًا- كلمة رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، الذي ألقاها في الحفل، لما حملته من رسائل مهمة شملت جميع القضايا، أبرزها ملف الأسرى، الذي يشغل بال الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بمزيد من الانتظار والترقب لكل جديد قد يطرأ على هذا الملف، قائلًا: "أمهلنا الاحتلال وقتًا محدودًا لإتمام هذه الصفقة، وإلا فسنغلق ملف الجنود الأربعة إلى الأبد".
وتأسر كتائب القسام في قطاع غزة عددًا من جنود الاحتلال، وقد أعلنت أسماءهم بعد ذلك، وهم: الجندي آرون شاؤول، والضابط هدار غولدن، منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف عام 2014، والجنديان الإسرائيليان أبرا منغيستو، وهشام السيد. وتتكتم حركة حماس على مصير الجنود الأسرى لديها، وترفض الإفصاح عن ذلك إلا بـمقابل صفقة تبادل أولي بإطلاق ما بين 250 و300 أسير فلسطيني من كبار السن والمرضى والنساء والأطفال، وكذلك الإفراج عن الأسرى الذين حُرروا في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، الذين أعاد الاحتلال أسرهم عام 2014. مقابل تقديم حركة حماس معلومات عن جنود الاحتلال الأسرى لديها.
تمت محاولات عدة من خلال وسطاء خارجيين من العرب والأوروبيين؛ لإتمام صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين، كان آخرها قبل الانتخابات الإسرائيلية، ولكنها لم تحقق شيئًا بسبب مماطلة الاحتلال.
وبثت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، العام الماضي، تسجيلًا صوتيًّا لأحد الجنود الأسرى الإسرائيليين لديها، دون تحديد هويته، تأجيجًا للرأي العام لدى الاحتلال، للتأثير في قيادته لإبرام صفقة تبادل للأسرى على غرار صفقة وفاء الأحرار، لكن الاحتلال يريد تسييسها، فيربط إطلاق سراح جنوده بالسماح بإعادة إعمار القطاع المتضرر من الحصار والحروب الإسرائيلية التي دمرت بنيته التحتية.
وإذا قارنا العوامل التي ساهمت في إنجاح صفقة وفاء الأحرار عام 2011 مع تلك المصاحبة لصفقة اليوم، يمكننا التنبؤ بمدى فرص نجاح صفقة تبادلٍ للأسرى، بسبب الضغوط الكبيرة التي تواجهها حكومة الاحتلال من أهالي الجنود الأسرى لدى حماس، لأن حكومة الاحتلال تدرك أن مماطلتها وتأجيلها عاملان نفسيان يؤثران في أعصاب جنودها وذويهم، ربما لحسابات سياسية أو أمنية تعتقدها، لكن قادة الاحتلال يعلمون أنهم سيفشلون في تحقيق ذلك كما فشلت الأجهزة الأمنية والمخابرات الإسرائيلية في تحقيق أي اختراق بالكشف عن موقع وجود جلعاد شاليط.