على الرغم مما يعلنه الاحتلال من تراجع المواقف المعادية له في الدول الأوروبية عموما، والنرويج خصوصا، فإنه أصيب بما وصفه "صدمة" من نتائج دراسة محلية أظهرت أن واحدا من كل 10 نرويجيين يبررون العنف ضد اليهود، ويرى ثلثهم أن الاحتلال يعامل الفلسطينيين معاملة سيئة كمعاملة النازيين لليهود، وأعرب 9.3٪ عن تحيزهم ضدهم، وأعلن 23٪ منهم تأييدهم للفلسطينيين، و9٪ يؤيدون الاحتلال.
أحدثت نتائج الدراسة النرويجية التي أجراها مركز دراسات الهولوكوست والأقليات في أوسلو، "هزة أرضية" في الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية، حتى أن قادة الجالية اليهودية في أوسلو وصفوا هذه النتائج بـ"الفظيعة"، في حين عدتها وزارة خارجية الاحتلال أنها "صادمة"، وتشير للتحريض من بعض المنظمات في النرويج، والإخفاقات التعليمية العميقة.
يحاول الإسرائيليون الاختباء خلف أصابعهم في تحليل هذه النتائج البحثية الموضوعية بالزعم أنه في عدد غير قليل من البلدان الأوروبية لا تُكرس الجهود اللازمة لتثقيف جيل الشباب في تاريخ المحرقة، ما يظهر جملة من التصريحات "المروعة" ضد الاحتلال الإسرائيلي، والادعاء بأنها تتسبب بتشويه كامل للواقع القائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وبدل الاعتراف بمسئولية الاحتلال عن نفسه وصورته المشوهة، فإنه يتهم وسائل الإعلام الأوروبية بامتلاكها دوافع كاذبة ضده، بالزعم أن معظم وسائل الإعلام في النرويج تخلق انطباعا بأن طياري الاحتلال يستمتعون بقصف الأطفال في غزة، ومعنيون بقتل المدنيين الفلسطينيين، والادعاء أن الوسائل الإعلامية الغربية ذاتها تتجاهل صواريخ المقاومة على الجبهة الداخلية للاحتلال.
بالتزامن مع هذا البحث النرويجي، فإن علاقات تل أبيب وأوسلو لا تمر في أحسن أحوالها، فقد استدعت خارجية الاحتلال، الدبلوماسي النرويجي تور وينسلاند المنسق الخاص للأمم المتحدة، لإدانته عملية إعدام الشاب الفلسطيني عمار مفلح بنيران جندي إسرائيلي قرب حوارة في الضفة الغربية.
كما دأبت الأوساط الإعلامية والدبلوماسية الإسرائيلية على مهاجمة النرويج، وآخرها بخصوص وسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية الذي أثار توترا بينهما، ما دفع رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته يائير لابيد لعدم مقابلة وزيرة خارجية النرويج أنكن هايتفيلدت، تعبيرا عن غضبه من سلوك النرويج تجاه الاحتلال في الأشهر الأخيرة، مع العلم أنها تعد المستوطنات المقامة في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي.
في الوقت ذاته، زعم الاحتلال أن النرويج تمول المنظمات المناهضة له، بما فيها حركة المقاطعة "بي دي أس"، وأعلن أكبر صندوق تقاعد في النرويج سحب استثماراته من 16 شركة مرتبطة بالمستوطنات، وباه أسهمه لشركة "البيت معرخوت" لدورها في بناء جدار الفصل العنصري المقام في الضفة الغربية، وفرضت منظمة "LO" للنقابات العمالية في النرويج، مقاطعة اقتصادية وثقافية وأكاديمية على الاحتلال.