د. عدنان أبو عامر
ما زال الإسرائيليون يعيشون صدمة نفور الجماهير العربية منهم في مونديال قطر، وهم يحاولون التعرف إلى أسباب حجم هذه الكراهية التي يكنها العرب لدولة الاحتلال، متناسين ومتجاهلين أن الاحتلال هو السبب في كل هذه الكراهية، لكنهم بدلًا من الاعتراف بهذه الحقيقة، فإنهم يلجؤون إلى اتهام المناهج الدراسية السائدة في المدارس والجامعات العربية، بزعم أنها تعزز كراهية الاحتلال، وتنشئ أجيالًا من التلاميذ الرافضين التعايش معه.
تزعم قطاعات واسعة من الإسرائيليين أن حالة العداء التي تكنّها الشعوب العربية لهم، تمثلت في امتلاء مدرجات ملاعب الدوحة بالمشجعين الذين وجّهوا سيلًا من الإهانات ضد المندوبين الصحفيين من وسائل الإعلام الإسرائيلية، وقد شوهد في الفيديوهات المختلفة شباب عرب يلوحون بأعلام فلسطينية، ويهتفون "فلسطين حرة".
يهرب الإسرائيليون كعادتهم من الاعتراف بحقيقة أنهم السبب في هذا العداء، بزعم أن هذه الأجيال العربية عاشت سنوات طويلة تحت تأثير التلقين العقائدي المعادي للاحتلال، وأن العديد من وزارات التربية والتعليم العربية تواصل طباعة الكتب المدرسية برسائل معادية لليهود على نطاق واسع، وترفض الاتحادات التعليمية والنقابية أي تطبيع تعليمي وثقافي مع الاحتلال، رغم تطبيع دولها من الناحية الرسمية معه، لكنها ترفض أي محاولة لإدراج الحديث عن الاحتلال في مناهجها المدرسية، إلا بما يستحقه من أوصاف تليق به، بعيدًا عن أي محاولة لتسويقه، حتى لو أراد بعض الرسميين العرب ذلك.
ليس سرًّا أن هناك منظمات تابعة للاحتلال ترصد المناهج الدراسية الفلسطينية والعربية، وتوثق كيف أن المعلمين في العديد من الدول العربية يرفضون استخدام كلمة "إسرائيل" في الامتحانات، وتستمر مدارسها في إقامة "أسبوع فلسطين" السنوي، رغم قلة من الدول التي تواصل العمل لإزالة ما تصفها بـ"المحتويات العدائية" من كتبها المدرسية، وتعزيز ما تعدها "عمليات التسامح"، وإدماج تعليم الهولوكوست في محتويات نظامها التعليمي، ورغم كل هذا، فلم تظهر خريطة "إسرائيل" فيها بعد.
وفيما يحرض الإسرائيليون على المناهج الدراسية العربية، فإنهم يتجاهلون ما تتضمنه كتبهم المدرسية من تنمية لروح العداء للعرب والفلسطينيين، وتشويه صورتهم، وتعزيز مفاهيم التفوق العرقي والتمييز العنصري والقوة المقرونة بالعدوانية والاستعلاء والتحقير، والنظر للعرب باعتبارهم "الأغيار"، وهم خدم لليهود، ويلصقون بهم العبارات السيئة، مثل: الغباء، والفشل، والقذارة، والتوحش، والسطو، والميل للتخريب.
كما أن المناهج الدراسية الإسرائيلية لم تتوقف عن التأكيد أن "فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، وشعبها ليست له هوية، وسكانها متوحشون احتلوا البلاد، وخربوها، وهم ليسوا أكثر من قُطَّاع طرق وقذرين، ثيابهم رثة، يمشون حفاة الأقدام، لذا يجب أن يعودوا للصحراء، وأن يستولي اليهود على الأرض، وكأن المثل العربي ينطبق على هؤلاء المحتلين "رَمَتْني بِدَائِهَا وانْسَلّتْ".