فلسطين أون لاين

تقرير تحليل: تغييب التشريعي وهيمنة عباس على القرارات عمّقا الفساد وأهدرا المال العام

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

أكد مراقبون اقتصاديون أن إبقاء السلطة الفلسطينية، المجلس التشريعي مغيبًا أضعف من مساءلة الحكومة وكبار المسؤولين عن هدر المال العام، وعمّق من استفحال الفساد، وأن استمرار الرئاسة بإصدار قرارات بقوانين هدفها تعزيز هيمنة مكتب رئيس السلطة محمود عباس على المؤسسات العامة.

وطالبوا في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" أمس، باتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لأشكال الفساد حماية للأجيال المقبلة، مشيرين إلى أن عقد المؤتمرات دون تطبيق توصياتها لا تخرج عن الإطار البروتوكولي.

ودعوا السلطة إلى إعلان البيانات الكاملة والتفصيلية المتعلقة بالدين العام، ومعالجة الفجوات والقنوات المؤدية إلى التسرّب المالي، مشيرين إلى أن الموازنة العامة ما زالت تخضع لسياسة عدم الشفافية والمشاركة في إعدادها ومتابعة تنفيذها.

وكانت عقدت السلطة الفلسطينية على مدار يومين فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لهيئة مكافحة الفساد، تزامنًا مع مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وتضمن المؤتمر ثلاثة محاور رئيسة، وهي "دور الدولة ومؤسساتها في تعزيز المسؤولية الجماعية في مكافحة الفساد"، و"المشاركة المجتمعية في جهود مكافحة الفساد مسؤولية وطنية"، و"مسؤولية مؤسسات إنفاذ القانون وأثرها على ثقة الجمهور في جهود مكافحة الفساد". 

وعدَّ الاختصاصي الاقتصادي د.هيثم دراغمة أن عقد المؤتمرات حول الفساد في فلسطين "بروتوكولية"، فحواها لا يعالج جوهر القضايا.

وقال دراغمة لصحيفة "فلسطين": إن "جوهر معالجة الفساد، لا يأتي من خلال تنظيم المؤتمرات بهذه الشاكلة والخطابات السريعة".

وأضاف دراغمة: "بصفتي متابعًا للشأن الاقتصادي لم ألمس فعليًّا أداءً بالشكل المطلوب لمؤسسة مكافحة الفساد الفلسطينية، فيفترض أن يكون عملها شفافًا وموضوعيًّا، لا سيما، وأنها ليست وليدة اليوم، وإنما أنشئت من سنوات عديدة".

وأكد دراغمة ضرورة أن تسرع مؤسسة مكافحة الفساد من أعمالها وبرامجها لتلحق مؤسسات مكافحة الفساد العالمية، مشيرًا إلى أنه في الحالة الفلسطينية لا يحتمل وجود الخطأ، لأننا تحت تأثير الاحتلال على المستوى الاقتصادي والسياسي.

ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي معني بإمعان السلطة الفلسطينية ومؤسساتها بالفساد، كي يجعلها منشغلة في مشاكلها الاقتصادية ويجنبها الحديث عن القضايا الوطنية.

وكان الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" أوصى في تقريره السنوي بضرورة وقف التعيينات العامة (المدنية والأمنية) لمدة محدودة في القطاع العام، وضرورة التأكيد على الالتزام بإجراءات المنافسة على الشواغر الوظيفية، على أن يتم إنشاء (لجنة جودة الحكم) للرقابة على التعيينات العليا ونزاهة الوظائف العامة. 

وبيّن محدودية التزام وزارة المالية بخطة إصلاح إدارة المال العام، وبشكل خاص في مجال شفافية فاتورة الرواتب، وعدالة وأهمية وقف صافي الإقراض ومعالجة النزيف المالي الناتج عن فشل نظام التأمين الصحي، كما رصد أثر سياسة وزارة المالية بتأخير دفع التزاماتها المالية للموردين للخدمات على مستوى جودة الخدمات والسلع المتفق عليها في العقود.

بدوره أوضح الاختصاصي الاقتصادي د.سمير الدقران، أن تشخيص الفساد وتبيان صوره في فلسطين وعلى وجه التحديد داخل المؤسسة الرسمية قطع شوطًا كبيرًا، لكن علاج الفساد واستئصال بؤره ضعيف جدًا، ويرجع ذلك إلى هيمنة السلطة التنفيذية على سدة الحكم وتحكم شخصيات بعينها في وقت أن المجلس التشريعي مغيب.

 وبيّن الدقران لصحيفة "فلسطين" أن التقارير والتوصيات التي تصدر عن مؤسسات رسمية أو أهلية لها علاقة بالفساد، تبقى حبيسة الأدراج، لا يتم التعامل معها، وأن هذا التراخي ساعد في زيادة معدلات الفساد وتجرّؤ آخرين على الانخراط به لاعتقادهم أن لا محاسبة لهم.

وعدد الدقران أشد صور الفساد في مؤسسات السلطة، منها التضخم الوظيفي، والنفقات الزائدة، والنفقات غير مرئية، والتوظيف بالمحسوبية، مشيرًا إلى أن رئيس السلطة محمود عباس، يصدر مراسيم بقوة القانون، دون رقيب أو حسيب، وقد أضرت الكثير من فئات المجتمع خاصة في قطاع غزة.

واستهجن الاقتصادي حديث المسؤولين عن أن نسبة الفساد في فلسطين محدودة مقارنة بدول عربية أخرى أو خارجية، قائلًا: "إنه ينبغي ألا نقارن أنفسنا بأحد، علينا أن نبذل ما في وسعنا للتخلص من الفساد وصوره، حتى يتعزز الاقتصاد الوطني، ونحفظ المال العام من الهدر".

وبيّن الدقران أن سلوك السلطة الخاطئ في إدارة الأزمة المالية، تسبب في دخولها في مشكلات اقتصادية أخرى، بل أنها تبحث عن حلول على حساب طبقة الموظفين باقتطاع من رواتبهم، وفرض التقاعد المبكر.