عشرون ألف متطوع حصلوا على شرف المشاركة في كأس العالم الحالي المُقام في قطر، يُعدون شُركاء حقيقيين في تنظيم كأس العالم في قطر، تلك الدولة التي أخذت على عاتقها تقديم شيء غير مسبوق وإظهار مدى أهمية الأشياء الصغيرة في اللوحة الكبيرة لكأس العالم.
توجد أمثلة كثيرة على أهمية التطوع، سواء كان رسميا أو شخصيا عفويا، وأقرب دليل على أن التطوع لمساعدة الآخرين ينعكس بالإيجاب على المجتمع وعلى القضية، ما قام به الفلسطيني حسام سفاريني عندما تطوع لمساعدة عائلة برازيلية للوصول إلى المترو بعد انتهاء مباراة البرازيل أمام صربيا في دور المجموعات.
لقد أصبح هذا الفلسطيني على كل لسان برازيلي وعربي بعدما تم الكشف عن هوية العائلة قبل الكشف عن هوية المتطوع، فقد سمع العالم بأسره تصريح المدير الفني البرازيلي تيتي خلال المؤتمر الصحفي قبل المباراة الثالثة للبرازيل في مجوعتها عندما طلب من الجميع البحث عمن ساعد عائلته للخروج من الملعب إلى المترو، وحمل أحد أحفاده الصغار.
كما شاهد العالم بأسره تكريم المدرب تيتي للفلسطيني سفاريني الذي حاول البعض نزع اسم فلسطين عنه عندما قالوا عنه العربي الذي يرتدي علم فلسطين، حيث دعاه لحضور تدريب البرازيل وأهداه قميص المنتخب.
إن هذا المتطوع الفلسطيني أعطى صورة مُشرقة عن فلسطين وعن قضيتها وعن شعبها وعن معاناتها بسبب الاحتلال الصهيوني لها، إن ما قام به الفلسطيني حسام سفاريني لم تقُم به عشرات السفارات الفلسطينية المنتشرة في دول العالم.
كما أن ما قدمه سفاريني من خدمة لمواطنة برازيلية تبين فيما بعد أنها ابنة مدرب المنتخب البرازيلي، لم يكن يعرف من هي ولم يكن معنيا بمعرفة من هي لكونه قرر أن يقوم بعمل إنساني من أجل الله والوطن وليس مقابل شيء، لم يكن أمراً مُكلفاً على الصعيدين المادي والبدني، في وقت يتم صرف ملايين الدولارات على سفارات بلا قيمة وبلا أهمية وبلا وظيفة وطنية.
لقد كان سفاريني بمنزلة سفارة، وربما يوجد تشابه في أحرف اسم عائلته واسم السفارات، وهو ما يجعلنا نُطلق عليه السفير الحقيقي الذي حقق ما لم يُحققه رئيس وزراء وسفير يتمتع بكل الصلاحيات وبكل امتيازات السفراء ورؤساء الحكومات.
إن مبدأ التطوع والمبادرة مهم ومهم جداً للوطن والمواطنين، فهما عمل مهم تأتي أهميته من كونه عملا دون مُقابل، وبالتالي فإن حجم سعادة المتطوع والمستفيد من خدماته كبير جداً وله انعكاسات نفسية أيضاً، فهو رسالة سامية لها قيمتها المعنوية، وهي وسيلة مهمة من وسائل التواصل الاجتماعي والثقافي والتواصل في كل المجالات.
وهناك الكثير من الأشياء الصغيرة جداً والتي لم يكن أحد يُعطيها أهمية، حققت ما لم يستطع تحقيقه من سعى لتحقيق شيء كبير متسلحاً بإمكانات كبيرة، فالرسالة لا تحتاج لمقرات ولا لسفارات ولا لطائرات ولا لدبابات لكي تصل، فرسالة صغيرة بعمل صغير مثلما قام به حسام سفاريني أقوى وأسرع من رسائل السفراء.
كما لا بُد من استذكار الشاب الكيني أبو بكر عباس، الذي أسر قلوب كل جماهير المونديال بكلمة واحدة كان يقولها ويُكررها يومياً، وهي (مترو) مع إشارة بكف كرتوني كبير إلى اتجاه المترو، فأصبح أيقونة كأس العالم وأصبحت كل الجماهير تتفاعل معه وتُمازحه بعدما أدخل على قلبهم السعادة بكلمة واحدة كان يقولها بعدة لهجات وبعدة طرق، فأسر قلوب الجماهير.
هذا المتطوع الكيني حصل على تكريم خاص من الاتحاد الدولي لكرة القدم عندما تم الاحتفال به في الملعب الذي كانت وظيفته خارجه وليس داخله، فرآه العالم من كثب وتعرف العالم عليه وعلى اسمه وعلى دولته وعلى دينه الإسلامي.
لقد ترك حسام سفاريني وأبو بكر بصمة في عقول الجهات المنظمة، وانعكس ذلك بالإيجاب على أن يكون الاهتمام بمتطوعي فلسطين وكينيا لأداء أي عمل تطوعي آخر في أي مكان في العالم.