فلسطين أون لاين

كوخافي ووهم الردع

قال أفيف كوخافي رئيس أركان جيش الاحتلال إنه إذا استمر الهدوء من جهة قطاع غزة حتى مايو المقبل، فسيكون هذان العامان الأكثر هدوءًا على جبهة غزة، زاعمًا أن حماس لا ترد على الهجمات ولا تفكر حتى في الرد، لأنها رُدِعت بالعمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة في الأعوام الأخيرة.

هذا التبجح يذكرني بتبجح أهل الهزائم من قادة الجيوش العربية، فعندما يعجز القائد في الميدان يبدأ في حياكة انتصاراته وقدراته من الأوهام. ما زالت معركة سيف القدس وإنجازات المقاومة ماثلة أمام الشعب الفلسطيني ومناصريه، وحاضرة في يقظة قادة الاحتلال وجنودهم وفي منامهم وأحلامهم، ومع ذلك لا بد من التعقيب على ما قاله أفيف كوخافي.

المقاومة الفلسطينية في غزة بقيادة كتائب عز الدين القسام مقاومة منظمة ومنضبطة لا تحركها ردود الفعل، حتى لو شنت (إسرائيل) غارة على قطاع غزة ردًّا على إطلاق صاروخ من القطاع مجهول الهوية والبواعث، عندما ترى المقاومة أن الغارة تحتاج إلى رد فهي ترد في الوقت الذي تختاره وبالحجم الذي تقدره، وهذان العامان لم يمرا بهدوء تام، إذ أطلقت مئات الصواريخ على الكيان الإسرائيلي ردًّا على اغتيال قائد ميداني فلسطيني، وقد لا تستمر حالة الهدوء النسبي حتى شهر مايو، ونحن نقدر أن الجولة الثانية من معركة سيف القدس ليست بعيدة إذا استمر الاحتلال في استهداف الأرواح والمقدسات وفي استفزاز الشعب الفلسطيني ومقاومته. 

أنا وجدت أن مزاعم كوخافي فيها اعتراف صريح بالمعادلة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية وخاصة بعد انتصارها في معركة سيف القدس، إذ كانت (إسرائيل) هي التي تبدأ معاركها مع قطاع غزة باستثناء المعركة الأخيرة التي بدأتها المقاومة الفلسطينية، ففي الأعوام 2008 و2012 و2014 هي التي بدأت الحرب على قطاع غزة ولم تحقق أهدافها، فضلًا عن الغارات والهجمات المختلفة في تلك السنوات، وعندما يقول كوخافي: "إذا استمر الهدوء"، يعني أن المقاومة هي التي أصبحت تحدد وقت السلم ووقت الحرب، وأن دولة الاحتلال لم يعد لديها القدرة على شن غارات جوية من شأنها إشعال حرب جديدة، ونحن هنا لا نتحدث عن غارات لذر الرماد في العيون وتشنها (إسرائيل) ردًّا على إطلاق صاروخ أو صواريخ أُطلِقت بهدف جر غزة إلى حرب.

وأختم كلامي بشهادة لخبير إسرائيلي على شخصية كوخافي المتبجح، يقول يوسي ميلمان، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية والاستخباراتية: "تبين أن الجنرال كوخافي هو أحد رؤساء الأركان الضعفاء جدًّا في تاريخ (إسرائيل)، خاصة عندما نأخذ في الحسبان تبجحه وصورته الذاتية، كوخافي فشل في غزة ودمر الجيش ولم يطوره، هناك فجوة كبيرة بين تصريحاته وما يُنفَّذ على الأرض".