بالتزامن مع استمرار جهود اليمين الإسرائيلي لتشكيل حكومته الأكثر فاشية في تاريخ الاحتلال، تتصاعد التهديدات الموجهة ضد فلسطينيي الـ 48، بزعم أنهم يشكلون عنصرا أساسيا في المخاطر التي تواجهها دولة الاحتلال، بزعم أن جزءًا منهم ينخرطون في العديد من الأعمال العدائية، بما فيها الهجمات المسلحة، لا سيما أولئك الذين تربطهم علاقات قرابة مع أشقائهم الفلسطينيين في الضفة الغربية أو قطاع غزة، خاصة أولئك الذين تزوجوا بسيدات عربيات من أراضي الـ48؛ ما يسبب قلقا لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
يستحضر اليمينيون الإسرائيليون حديثًا عنصريًا عندما ما يقولون إن هذه الظاهرة المقلقة تذكر الأوساط الأمنية بما تشهده أوروبا والولايات المتحدة من انخراط الجيل الثاني الثالث من المهاجرين العرب والمسلمين القادمين من الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا ووسط آسيا، في تنفيذ عمليات مسلحة، أو يذهبون للقتال في صفوف التنظيمات الجهادية.
المعطيات المتوفرة لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية تفيد بأن نسبة هذه العائلات المختلطة من العدد الإجمالي لفلسطينيي الـ48 تقترب من 5%، بعدد يقدر بمئة ألف نسمة، لكنهم يشكلون 15% من نسبة المنخرطين في تنفيذ العمليات المعادية لدولة الاحتلال.
لكن هذه النسبة تأخذ بالازدياد أكثر فأكثر في أوساط البدو الفلسطينيين من سكان صحراء النقب، حيث يشكل أبناء العائلات المختلطة 12% من نسبة السكان الإجمالية، وبين عامي 2000-2017، بلغ عدد الشبان الفلسطينيين من النقب المتورطين في نشاطات أمنية معادية للاحتلال 44 شابا، وشملت نشاطاتهم: تحضير عمليات، تجنيد منفذين، جلب مساعدين، نقل أموال لأعمال مسلحة، حيازة سلاح ووسائل قتالية.
تستعين المحافل اليمينية الإسرائيلية بهذه المعطيات الأمنية، التي تدور شكوك كبيرة حول مصداقيتها، وتزعم بأن العائلات الفلسطينية المكونة من مثل هذا الزواج المختلط تشكل بيئة مهيأة لتجنيدها من قبل المنظمات الفلسطينية المسلحة، بسبب توفر جملة عوامل مشجعة لهم، خاصة الدوافع الأيديولوجية لهؤلاء الأزواج الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية وقطاع غزة.
هذا الانخراط من قبل هؤلاء الشبان يبدو طبيعيا ومنطقيا، لأن معظم الأزواج الفلسطينيين الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية عقب زواجهم من سيدات فلسطينيات داخل فلسطين المحتلة، لديهم علاقات عائلية في غزة والخليل، وبعضهم يقوم بزيارة هذه المناطق، ويشارك في جنازات الشهداء الفلسطينيين بنيران جيش الاحتلال.
كما أن بعض أبناء هذه العائلات يدرسون في كليات أكاديمية في الضفة الغربية، ويتلقون ثقافة أيديولوجية دينية متطرفة معادية للاحتلال، كل ذلك يجعل من هذه العائلات هدفا مرشحا من قبل التنظيمات الفلسطينية لتجنيد أبنائها لتنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف تابعة للاحتلال: عسكرية واستيطانية.
أيّاً كانت المعلومات التي يبثها أمن الاحتلال، ويوظفها اليمين الإسرائيلي، فإن فلسطينيي الـ48 سيبقون شوكة في حلقه، لأنهم القابضون على الجمر، والمعلنون فشل سياسات الأسرلة والتهويد والصهينة منذ أكثر من سبعة عقود!