بينما يتزايد الاحتلال الصهيوني شراسة ضد الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة، يزداد احتفاء بعض أنظمة دول العرب بالتطبيع مع المحتل، خلافًا للإرادة العامة للشعوب العربية.
الأمر القائم على هذه المفارقة محزن جدًا، ومؤسف جدًا. في مونديال قطر عبّرت الشعوب العربية عن نفسها برفضها التعامل مع الإسرائيليين الحاضرين للمونديال، سواء أكانوا صحفيين أو مشجعين. العربي قال لهم لن نتعامل مع قتلة الفلسطينيين. هذا الموقف الشعبي سكب ماء باردًا على من فرحوا بالتطبيع، ومن احتفلوا به، ومن ينتظروا حافلته ليركبوا فيها.
في مقابل الموقف الشعبي الذي ينتصر لفلسطين وللعدل، ثمة موقف رسمي مفارق له بدرجات متفاوتة، فمثلًا نجد ملك البحرين يستقبل رئيس دولة (إسرائيل) في قصره بحفاوة، والأخير يهديه تميمة يهودية تعلق على باب الشقق في (إسرائيل) يقبلها الداخل والخارج تبركًا.
فهل سيعلق القصر في البحرين هذه التميمة تبركًا؟ لست أدري. ولكن لماذا اختارها هرتسوغ هدية للقصر؟! هذا الاختيار يبعث على الحيرة والاستغراب. ما علاقة التميمة بالبحرين؟! ماذا تقول التميمة لمن استقبلها بنظر المدقق كما أظهرت الصورة؟!
وفي مشهد آخر، في احتفال سفارة الإمارات في تل أبيب بيوم الاستقلال ثمة صورة أخرى تظهر احتفاء السفير مبتسمًا ومرحبًا بابن غفير ممثل الصهيونية الدينية المتطرف، بينما جمهور الإمارات في المونديال يرفض التعامل مع المشجع الرياضي الإسرائيلي. وابن غفير ليس مشجعا بل قاتلا ويهدد الأقصى والوجود الفلسطيني.
المفارقة بين الرسمي والشعبي في البلاد العربية تكشف عن أزمة متعددة الوجوه، ولا أرغب بتسميتها. أزمة يلخصها سؤال لماذا يكون سيد القصر في وادٍ والشعب في وادٍ آخر؟ وهل الشعب على حق، أم الحق كله مع القصر؟ يقولون الشعب مصدر السلطات في الدولة الحديثة. أقول دعك من هذا لأن فيه نظرًا في بلادنا، ولكن قل واسأل هل يستفيد القصر من هذه المفارقة؟ وماذا يستفيد؟
يقال إن فئات من الشعب في البحرين تتظاهر ضد زيارة هرتسوغ. حسنًا. فهل الشعب على حق، أم الزائر والمضيف هم صاحب الحق؟! أنا مع القصر والشعب لا أبوح بوجهة نظري، ولكن أحب أن أسمع الإجابة ممن يبحثون في الواجبات، والمصالح، وفي الصهيونية، وفي علاقة القصور بالشعوب.
مظاهر المفارقات بين الشعبي والرسمي في البلاد العربية التي طبعت مع المحتل كثيرة، ويصعب حصرها، وستبقى هذه المفارقات قائمة إلى أن يكتشف القصر ذاته، أو يشتعل ثوبه بنار الصهيونية.