فلسطين أون لاين

توفيت اليوم في مدينة خان يونس

جين كالدر.. الطبيبة الأسترالية التي تركت وطنها لأجل القضية الفلسطينية

...
جين كالدر

توفيت اليوم الإثنين الطبيبة الأسترالية جين كالدر (89 عامًا) في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد حياة طويلة قضتها في خدمة العمل الإنساني الداعم والمناصر لقضيتنا الفلسطينية وحقنا في التخلص من الاحتلال الإسرائيلي.

حصلت جين كالدر على وسام "رفيق" من أستراليا عام 2005 تكريمًا لها على "الخدمة الإنسانية في الشرق الأوسط، وخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في لبنان وغزة والمناطق المحرومة في القاهرة، إلى العلاقات الدولية، وإلى التدريب الأكاديمي والمهني في مجالات التربية والتأهيل".

ونعت لجنة متابعة العمل الحكومي جين كالدر ووصفتها بأنها أيقونة من أيقونات العمل الإنساني الداعم والمناصر لقضيتنا الفلسطينية وحقنا في التخلص من الاحتلال.

وقالت اللجنة في بيان نُشر اليوم: "كرّست الطبيبة الراحلة جلّ حياتها لخدمة شعبنا وقضيتنا سيما عبر عملها الطبي، وقد عملت لسنوات، عميدًا لكلية تنمية القدرات الجامعية بغزة، وتُعدُّ من المساهمين الأوائل في تأسيس الهلال الأحمر الفلسطيني".

وأضافت: "بقيت الطبيبة الراحلة وفية لشعبنا وقضيتنا حتى لحظات حياتها الأخيرة، وهي تُصرُّ على البقاء في غزة لمواصلة تقديم رسالتها الإنسانية".

وتقدمت اللجنة بالتعزية لأسرة الفقيدة الراحلة ولجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني؛ مؤكدةً أنّ قناعتها الراسخة تجاه ثوابتنا الوطنية كانت وليدة مظلومية شعبنا وتلمُّس الفقيدة لجوانب المعاناة التي يتسبب بها الاحتلال.

حياتها وعملها

داخل أحد المنازل في مخيم حي الأمل في خان يونس جنوب غزة، عاشت الأسترالية جين كالدر. تركت أهلها ووطنها أستراليا، وانطلقت قبل 41 عامًا إلى منطقة الشرق الأوسط، واضعة نصب عينيها مساعدة الأطفال للعيش في أمان واستقرار.

بدأت قصتها بعد وصولها إلى بيروت عام 1980 كمتطوعة، ثم موظفة في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومتخصصة في تعليم الأطفال والعناية بهم. أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وفي خضم المواجهات والقصف، كانت جين تخوض معركة نبيلة بهدف الحفاظ على الحياة، لتبحث في المستشفيات عن المحتاجين للمساعدة.

خلال مجريات الحرب الإسرائيلية على لبنان، تدخَّل القدر بشكل كبير في حياة جين كالدر، بعد عثورها على أطفال ثلاثة مجهولي النسب وغير أشقاء، دلال وحمودة وبلال. جميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، حمودة يعاني من شلل رباعي وتأخر عقلي، بلال يعاني من ضمور عقلي، أما دلال فهي فاقدة للبصر منذ الولادة.

عملت جين بمساعدة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على إخراج الأطفال الثلاثة من لبنان، وانتقلت وإياهم إلى سوريا هربًا من الحرب، قبل أن تسافر بحمودة ودلال إلى مصر تاركة بلال اضطراريًّا في مخيم اليرموك في سوريا، لدى إحدى الممرضات من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بسبب مشكلة في أوراق سفره منعته من الالتحاق بعائلته الجديدة إلى مصر.

عام 1985 نجحت جهود جين كالدر والهلال الفلسطيني في نقل بلال إلى مصر، ليلتئم شمل العائلة، وتتكفل السيدة الأسترالية برعاية ثلاثة أطفال فلسطينيين مجهولي النسب، بعد أن عاشوا في مصر 10 سنوات، ومع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية، وفق اتفاق أوسلو إلى الأراضي الفلسطينية، انتقلت جين بأطفالها الثلاثة للعيش في قطاع غزة، بدايات عام 1995 لتستقر في خان يونس.

عملت جين مؤخرًا في منصب عميد كلية تنمية القدرات الجامعية، التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، والتي أنشأتها بنفسها قبل 15 عامًا. تقوم هذه الكلية بدمج الأطفال الأصحاء مع ذوي الاحتياجات الخاصة في بعض الصفوف المدرسية، لتنشئة أطفال متقبلين بعضهم بعضًا.

عن حياتها الاجتماعية، كالدر لم تتزوج، إذ لم تجد الوقت الكافي لتفعل ذلك وتُكوّن أسرة، لكن الأطفال "بدر وحمودة ودلال"، ثلاثية الجرح والألم وبشاعة الحرب، شكّلوا كل اهتمام كالدر، فاحتضنتهم بكلّ الحب والرعاية، وكوّنت منهم أسرة تعطيها كل ما في قلبها من حنان وحب. تقول عنهم: "هؤلاء عائلتي التي أقيم معها في غزة"، ما زالوا يلازمونني، للآن كطيف أرى في وجوههم انتصار الحياة".

المصدر / فلسطين أون لاين