في مونديال (قطر ٢٢) دروس وعبر لا على المستوى الرياضي فحسب، بل على المستوى الاجتماعي والثقافي. وهنا نأخذ درسًا واحدًا منها، فعلى المستوى الرياضي تمكنت دولة قطر من تنظيم أفضل مونديال عالمي، وذلك بشهادة الفيفا، والدول التي سبق لها تنظيم لقاءات المونديال قبل قطر.
دولة عربية صغيرة المساحة، كبيرة في الإرادة والرؤية تقيم هذا النشاط بدقة متناهية، ونظام مريح للجميع، وأمن يبعث الطمأنينة عند السكان المحليين، وعند الوافدين الذين تجاوزوا مليون نسمة، أمر يستحق الفخر والتعظيم، ورفع القبعة للدولة وللفرق المكلفة بالإشراف والرعاية والمتابعة، ويدل أن العرب ليسوا متخلفين، ويمكنهم منافسة الغرب إذا امتلكوا الإرادة، وانطلقوا من رؤية متكاملة تستهدف النجاح. العرب أذكياء وليسوا أغبياء.
كل الوافدين تسكنهم الغبطة، والسرور من حالة النجاح والتفوق العربي، إلا وافدا واحدا هو الوافد الإسرائيلي، الذي عبّر عن مشاعر حسد وحقد على قطر وعلى العرب، لأنه يعيش في ثوب شعب الله المختار؟! الإسرائيلي دفعته الأيدي من كل اتجاه لاستعلائه وعدوانه على الشعب الفلسطيني، لذا شعر بأنه غريب، وغير مرحب به في قطر، لا من القطريين، ولا من كل المشجعين العرب والمسلمين.
هم يمضون يومهم منبوذين، ينبذهم الفلسطيني، والقطري، والسعودي، والإماراتي، والمصري، والتونسي، والإيراني، وغيرهم، ويطالبونهم بالمغادرة السريعة، لأن العربي الحرّ لا يقبل المستعلي، ولا المحتل، وهذه صفات كافية لأن ينبذهم المونديال بكامل من فيه.
الإسرائيلي ثقيل الدم، وانتهازي وعنصري، سواء بسفره لبيئة ترفضه، أو بإصراره على الاحتكاك بشعوب تنكر عليه عدوانه واحتلاله، لذا هو لم يجد طعما للتطبيع الذي اختلسه مع بعض الدول العربية. المشجعون من الدول ذات التطبيع كانوا أكثر المشجعين نبذا للإسرائيليين، وبالذات الصحفيين منهم. هذا وقد عبّر عن هذه الحالة مراسلو الصحف العبرية في تقاريرهم اليومية من المونديال.
هم لم يجدوا من يقبل إجراء مقابلات صحفييهم معهم، ولم يجدوا سائقا ينقلهم إذا ما عرف جنسيتهم، لذا فهم مضطرون لانتحال جنسية أخرى. كل هذا الذي جرى معهم هو أمر طبيعي، وليس أمرا استثنائيا. ولكن خبث الإعلام الصهيوني يحاول توظيف هذا إلى ضغوط على دولة قطر، وتأنيب الفيفا لقبولها بقطر منظمة للمونديال، وكأنهم يريدون أن يحرموا الدول العربية من فرص تنظيم هذا المهرجان العالمي.