السفارة في العمارة هو فيلم كوميدي سياسي ساخر، بطولة الفنان عادل إمام، وتأليف يوسف معاطي وإخراج عمرو عرفة، وتم إنتاج الفيلم في مصر عام 2005.
فكرة الفيلم تتحدث عن رفض الشعب المصري وجود البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في مصر، ورفض شعبي واسع لأي علاقة مع دولة الاحتلال، ولكن الفيلم يعكس بشكل أوسع وأكبر الرفض الشعبي لدولة الاحتلال لدى كل الشعوب العربية، وجزء كبير من الشعوب غير الناطقة باللغة العربية.
المونديال في قطر هو حدث رياضي كبير تقيمه دولة قطر على أراضيها في هذه الأثناء، ويشارك فيه 32 منتخباً يمثلون دولهم، وسط حضور ومتابعة من ملايين البشر العاشقين للعبة كرة القدم.
التقاطع بين السفارة في العمارة ومونديال قطر مهم وواضح جداً ويتمثل في الإجابة عن تساؤل: هل نجحت (إسرائيل) عبر "اتفاقات السلام" التي وقعتها مع بعض الأطراف العربية، ومع انطلاق قطار التطبيع في أنها تحولت من الدولة المنبوذة إلى الدولة الطبيعية في المنطقة؟
أكثر ما يزعج (إسرائيل) أنها في نظر الشعوب العربية والإسلامية وحتى لدى بعض أحرار العالم أنها دولة غير طبيعية في المنطقة، وعليه انصب التفكير الصهيوني في كسر هذه الصورة، وبدأت بعدة خطوات إجرائية كان من أبرزها التركيز على الإعلام باللغة العربية والإنجليزية لمخاطبة الجماهير العربية، ومحاولة تصدير صورة تعكس مزاعم "تطور وديمقراطية وإنسانية" (إسرائيل)، وربما حققت اختراقًا في ذلك، ولكن سرعان ما كانت ترسب في الامتحان، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالعرب عموماً والفلسطينيين على وجه الخصوص، فتاريخ (إسرائيل) الإجرامي حافل، وبيانات إدانتها في المحافل الدولية أدخلها موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
كراهية (إسرائيل) ورفض الأمة وجودها هو ما تقاطع عنده فيلم السفارة في العمارة ومونديال قطر، والصور التي يصدرها إعلاميو دولة الاحتلال ممن نجح بالوصول إلى قطر لتغطية المونديال، نجحوا في إنجاز استفتاء كامل على مكانة (إسرائيل) في الوعي الجمعي العربي، وكانت الإجابة صادمة لمذيع قناة كان 11 عندما رد عليه المراسل الإسرائيلي دور هوفمان من الدوحة قائلاً - هنا أقتبس ما قاله - : "بدأ يومنا في ساعة صباحٍ مبكرّةٍ، اعتلينا سيارة أجرة (تاكسي) لننتقل إلى مكانٍ آخر، ولكن عندما علِم السائق أنّنا من (إسرائيل)، أوقف السيارة وأمرنا بالنزول فورًا منها، كما أنّه رفض الحصول على أيّ مبلغٍ لقاء السفرة، وقال لنا: لا أريد منكم أجرةً، أنتم تقتلون إخوتي في فلسطين”.
عندها سأله المذيع من (تل أبيب): دور، هل قام برميكم من السيارة؟ فردّ عليه المراسل من الدوحة: “نعم هكذا بالضبط”.
هوفمان، الذي بدت على وجهه آثار الصدمة من التعامل العربيّ في قطر معه ومع مُرافقيه أضاف قائلاً: “تابعنا ووصلنا إلى أحد الشواطئ لتصوير مقاطع عن الوضع وعن أجواء كأس العالم، وجدنا مطعمًا في المكان، وعندها تقدّم إلينا صاحب المطعم وطلب منّا أنْ نُبلغه من أيّ دولةٍ نحن، وعندما قلنا له نحن من (إسرائيل)، استدعى على الفور الحُرّاس في المكان كي يقوموا برمينا خارجًا، وأخذ جهاز الهاتف المحمول الخاص بيّ، وطلب منّا أنْ نشطب جميع الصور والمشاهد التي التقطناها، عندها شعرتُ بالخطر يهددني، لأنّني أوجد في دولةٍ مُعاديةٍ. عليكم أنْ تعلموا جميعًا أنّ ما حدث معنا من شأنه أنْ يتكرر مع إسرائيليين آخرين.
إن ما ينقله الإعلام العبري عما حصل ويحصل وسيحصل مع مراسليه وبعثته في الدوحة يحمل رسالتين:
1. كل ما كان يبث في السابق من بعض النشطاء الداعمين لقطار التطبيع كان من باب التضليل، ولا يعكس حقيقة الشعوب العربية الرافضة للتطبيع مع دولة احتلال أقل ما يقال عنها إنها تدنس مقدساتنا الإسلامية والمسيحية وتقتل وتكره على الهوية.
2. ما زال هناك أمل في الشعوب، وربما رسالة مونديال قطر لحكام العرب تشكل فرصة لتقييم وتقويم مسار التطبيع والتراجع عنه، لأن (إسرائيل) لا تؤمن بالسلام، ولا يمكن أن تصبح دولة طبيعية، بل هي احتلال إرهابي.