وسط تخوف أمريكي متزايد من السياسات المتوقعة للحكومة الإسرائيلية القادمة، كشفت أوساط سياسية ودبلوماسية عن وثيقة سرية جديدة صاغتها الخارجية الإسرائيلية تتعلق بمستقبل التعاون الأمريكي الإسرائيلي في الملفات الدولية، خاصة أن إدارة بايدن تريد وضع التهديد القادم من الصين وروسيا في قلب جدول أعمالها، وأنَّ تسامحها تجاه الحلفاء الذين لن يساهموا في هذا الجهد آخذ في التناقص، ويأتي هذا التحذير على خلفية تشكيل حكومة نتنياهو، وتقاربه مع بوتين.
وقد شهدت الأيام الأخيرة إعداد وزارة الخارجية في تل أبيب وثيقة تحلل سياسات إدارة بايدن المستقبلية، وكيف ستؤثر في دولة الاحتلال، وبرز فيها نقطتان أساسيتان، أولاهما انخفاض اهتمام بايدن بكل ما يحدث في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة ودولة الاحتلال، باعتبار أنها منطقة ليست أولوية قصوى لإدارته، ما يعكس اهتمامها المحدود فيها، وعدم استثمار مساهمات واسعة فيه.
النقطة الثانية تحمل تحذيرا بأنّ تسامح الأمريكيين فيما يتعلق بالتعامل مع روسيا آخذ في التناقص، وتنص الوثيقة على أن إدارة بايدن تسعى لوضع التهديد القادم من الصين وروسيا في مركز جدول أعمالها، ما سيجعل من علاقات الاحتلال معهما معقدة، لأن الحكومة الجديدة التي يشرع نتنياهو في تشكيلها ترتبط بعلاقات قديمة مع بوتين، ومن بين التحديات العديدة التي تنتظره في الساحة السياسية أن يكون تعامله مع روسيا في قلب التحديات مع الإدارة الأمريكية.
صحيح أنه في خلفية العلاقات الإسرائيلية الروسية هناك حاجة للحفاظ عليها بسبب ما يحدث على الحدود الشمالية، خاصة في سوريا، لكن التحذير الوارد في هذه الوثيقة يؤكد أن التسامح الأمريكي سينخفض تجاه تل أبيب.
من الواضح أن وثيقة الخارجية الإسرائيلية تستشرف واقعا ملتبسا في العلاقات السياسية لدولة الاحتلال مع قطبين كبيرين مثل الصين وروسيا في ضوء الفيتو الذي تضعه أمريكا عليها، وفي هذه الحالة سنكون أمام توتر مبكر في علاقات واشنطن و(تل أبيب)، التي ترى نفسها في عهد نتنياهو أكثر تحللا من الالتزام بـ"التعليمات" الأمريكية، كما كان أسلافه يائير لابيد ونفتالي بينيت، وبالتالي سينعكس ذلك على صعيد الملفات الثنائية الأخرى المشتركة الإسرائيلية الأمريكية.
في الوقت ذاته، سيكون الاختبار الأمريكي الأول للحكومة الإسرائيلية القادمة في طبيعة موقفها النهائي تجاه حرب أوكرانيا، وهل تنزاح غربا كما فعلت الحكومتان السابقتان، أم تأخذ موقفا أكثر اعتدالا، بما يرضي الروس ويغضب الأمريكيين، حفاظا على حرية النشاط العدواني في سوريا؟ لكن ذلك بالتأكيد سيوقع دولة الاحتلال في شبكة علاقات معقدة بين الكبار!