كونك امرأة فلسطينية فأنت تعانين من الاضطراب في استقرار علاقتك الزوجية بشكل أو بآخر، حيث يعتبر المجتمع الفلسطيني ككل وخاصة الغزي عرضة للمد والجزر في استقراره نتيجة للاحتلال والعنف الممارس ضده والحروب المتتالية عليه، فما أن ينتشل نفسه من تحت ركام واحدة من الحروب حتى تعصف به أخرى, وكجزء من الكيان الاجتماعي الفلسطيني فإن الأسرة بما تحتويه من أفراد وما يربط بين هؤلاء الأفراد من علاقات كانت ولا زالت عرضة للاهتزاز والتقويض, خاصة العلاقات الزوجية حيث تتغذى الأزمات المتتالية عليها وتلتهم بشراهة استقرارها وأمنها.
لست وحدك داخل دائرة الصراع فكل امرأة في مجتمعك حياتها الزوجية مهددة بعدم الاستقرار.
إن العلاقات الزوجية بحاجة ماسة لاستقرار نفسي ناجم عن استقرار سياسي واقتصادي وإلا انقلبت هذه العلاقات إلى صراعات ليس لها نهاية حيث لا يقتصر نجاح العلاقات الزوجية على ما لدى الزوجين من فكر وثقافة ومبادئ بل يشمل أيضا الوضع السياسي والاقتصادي للمنطقة التي يعيشان فيها، ويتأثران بها وما ينتج عن هذه الأوضاع من تأثيرات على نفسيتهما ومن ثم على السلوكيات بينهما. وهكذا فإن أي اضطرابات تصيب المجتمع ستؤثر حتماً على صفاء العلاقات الزوجية بنسب متفاوتة تتناسب طرديًا مع شدة هذه الاضطرابات. حيث تتعرض علاقات الأزواج للتأرجح حينا وللفشل أحيانا أخرى حسب قدرتهما على التكيف مع التقلبات والضغوطات النفسية والأزمات الناتجة عن الأوضاع المتردية للسياسة والاقتصاد.
إن لم يستقر العالم حولك اجعلي بيتك مرفأ آمنا تحلق في سمائه نوارس المحبة والتفاهم
على مدار العشر سنوات الماضية وقطاع غزة يرضخ تحت الحصار السافر الذي شكل المهدد الأقوى لاستقرار مجتمعه بكل شرائحه وطبقاته وتسبب في ارتفاع نسبة البطالة والذي لم يسجل مثله من قبل, فآلاف العمال بلا مصدر رزق وآلاف العلاقات الزوجية مهددة بعدم الاستقرار النفسي الناتج عن عدم الاستقرار والضياع الاقتصادي. وبفقدان هذا العدد الهائل من العمال لمصادر رزقهم فقد تعرضت حياتهم الأسرية لهزة عنيفة كان نتاجها العديد من السلوكيات السلبية كالهروب من المنزل خوفا من الاعتراف بالعجز عن إعالة الأسرة وسد احتياجاتها وكذلك استخدام العنف في حل المشكلات الأسرية, بالإضافة للإقدام على الانتحار في بعض الحالات التي أصابها اليأس تماما، وكذلك التفكير المستمر لشريحة كبيرة من المجتمع بالهجرة للخارج, كل هذه تعتبر محاولات للهروب من مواجهة الواقع وتقبل الانكسارات النفسية والاقتصادية المتواصلة.
شجعي زوجك على العمل في أي مجال, وإن كانت لديك قدرات استثمريها لمساندته ماديًا
إن الحصار المفروض على قطاع غزة عامل ضغط على المجتمع الفلسطيني عامة وعلى الأسرة الفلسطينية خاصةً, ويفرغ هذا الضغط بتوتر داخل الأسرة سواء بين الزوج والزوجة أو بين تعاملات كل منهما مع أبنائه, ونتيجة لهذا التوتر فإن مستويات العنف داخل الأسرة ترتفع بشكل ملحوظ, وسواء كان هذا العنف نفسيا أو جسديا فإن ضحاياه هم الزوجة والأبناء. ونظرا لشدة التوتر الذي يعاني منه الزوج الذي فقد عمله وكرامته وتقدير أسرته له وذلك لعجزه عن سد احتياجاتهم وكون الإمكانية لتفريغ هذا التوتر غير موجودة فإنه لاشعورياً يفرغه على شكل عنف يمارسه ضد زوجته.
انتبهي! إن تردي الأحوال المعيشية التي سببها فقدان العمل من جراء الحصار يؤدي بدوره إلى الإحباط الذي يعتبر من أهم مسببات الخلل الوظيفي في العملية الجنسية كفقدان الرغبة الجنسية وسرعة القذف وكذلك العجز الجنسي.
إن البطالة والفقر الناجمان عن الاحتلال أو الانقسام يسفران عن حدوث الطلاق ووقوع حوادث العنف المنزلي مما يزيد الضغوط النفسية على المرأة الفلسطينية. ولا تعتبر العلاقات الزوجية لطبقة العمال في المجتمع الفلسطيني الوحيدة المتأثرة سلبا بالحصار بل على العكس حتى الطبقة البرجوازية وإن قلت مساحتها فهي أيضا واقعة ضمن إطار التأثر السلبي, فالانشغال الشديد للبحث عن عمل يوازيه الفراغ الكبير الذي تعاني منه فئة المستنكفين عن العمل كلاهما يولد الضغوطات النفسية ويستنزف الطاقة والصبر فالشعور بالقهر أو بالخواء يجعل من الصعب الاستمتاع بالحياة.
كوني معينة لزوجك في عوزه وفي ضجره فأنت السكن وإن فقد الإنسان سكنه تاه وانكسر
عزيزتي الزوجة.. إن التحديات التي تفرضها عليك طبيعتك ودورك وهويتك كبيرة جدا فكوني قدر التحدي. سلحي نفسك بالمعرفة والحرفة والحكمة لكي تستطيعي التجديف إن اضطررت وحيدة في بحر الحياة المتلاطم بالصعوبات.