فلسطين أون لاين

عملية القدس.. والعجز الإسرائيلي أمام المقاومة

ما إن وقعت عملية القدس صباح يوم أمس الأربعاء، وجدت نفسي متجها نحو الحسابات الشخصية للمسؤولين الإسرائيليين على تويتر لمعرفة ردود أفعالهم على هذا الإخفاق الأمني الجديد والانتكاسة العسكرية في القدس المحتلة.

صحيح أن العديد من ردود الأفعال الإسرائيلية خرجت من اعتبارات حزبية تنافسية، ومزاودات باتت معروفة بين اليمين واليمين المتطرف والوسط وما تبقى من اليسار، لكنها في مجموعها حملت اعترافات واضحة لا تخطئها العين عما شكلته عملية القدس التفجيرية من فشل ذريع للإستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة المقاومة. 

مع العلم أن تزامن عملية القدس مع ما نفذته قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية من اغتيالات واعتقالات متلاحقة في الضفة الغربية، جعل الاعترافات الإسرائيلية تتمحور حول أن استمرار المقاومة ساعدت على تهشيم بنية الردع العسكري، وإحباط نظرية الأمن، وإحلال مفهوم المجتمع المذعور، خاصة في ظل انتهاجها أسلوب الضرب لكل هدف، وفي كل مكان.

في النهاية شكّل استمرار المقاومة فقدان الأسلحة التقليدية من وسائل الهجوم والردع، لقيمتها، أو تكاد، لأن الصاروخ المطور بمعونة أمريكية يمكنه تهديد عاصمة عربية، أو تدمير قاعدة عسكرية لجيش نظامي، لكنه لا يستطيع إلقاء القبض على مقاوم يقتحم مستوطنة، أو استشهادي تسلل إلى حافلة.

لقد تجلت الاعترافات الإسرائيلية بفشل القضاء على المقاومة في ضوء عملية القدس بتأكيد أن الجيش والشاباك لن يكون بمقدورهما وضع حدّ نهائي للمقاومة بوسائل القوة، واصفين السياسة الأمنية المتبعة بـ"الكارثية"؛ ما يحمل إقرارا بعجز القوة الإسرائيلية في القضاء على المقاومة، التي لا تشبه أي حرب خاضها الاحتلال من قبل، وكأني هنا أستحضر مقولة إيهود باراك رئيس الوزراء وقائد الجيش الأسبق الذي قال إن "الفلسطينيين مثل الوسادة، كلما وجهت لهم لكمة، ارتدوا بقوة، وكأنهم لم يتلقوا اللكمة"، وعليه فإن أقل ما يمكن أن يقال إن حديث الأجهزة الأمنية عن تقليص قدرات المقاومة، قد يكون مبالغا فيه!

قليلون أولئك الإسرائيليون الذين يعترفون بأنه لا يمكن القضاء على المقاومة، لأن الأغلبية الطاغية منهم يحبون أن يستمعوا من ضباطهم أن يعلنوا كل يوم انتصارا "وهمياً" عليها، حتى تأتي مثل عملية القدس لتمثل الرد الحقيقي على هذه الإعلانات الفارغة من أي مضمون، التي يتخللها قصف الطائرات والمدفعية، والاغتيالات وهدم البيوت، واقتلاع الأشجار، ومصادرة الأراضي، وفرض الإقامة الجبرية، وإقامة الحواجز..

الخلاصة الإسرائيلية من عملية القدس أنه لا يوجد مطلقا حل عسكري للمقاومة، ولذلك إلى أن يتشرب القادة الإسرائيليون هذه القناعة، فإن مزيدا من خيبات الأمل ستكون من نصيبهم، هذا ديدن العلاقة بين الاحتلال والمقاومة، ولن يتغير، هكذا تقول حقائق التاريخ والجغرافيا والمنطق، أمس واليوم وغداً!