جاءت عملية سلفيت في الساعات الأخيرة لتحقق أهدافًا في جميع الاتجاهات، وعلى مختلف الأصعدة داخل الاحتلال، زمانا ومكانا وأسلوبا، ويمكن حصر آثارها في العديد من الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية.
أول هذه الآثار في المكان، حيث نجح المنفذ الشهيد محمد صوف، في اختراق الحواجز الأمنية، وتنفيذ عملية مزدوجة، وعبر أكثر من مرحلة، وبذلك ترسل العملية إنذارا لقوات الاحتلال أن المقاومة تستطيع الوصول لهدفها مهما كانت التحصينات، خاصة وأن المستوطنات الإسرائيلية تحولت في الآونة الأخيرة إلى ثكنات عسكرية من الشرطة وحرس الحدود وأجهزة الأمن، مما قد يحمل احتمالا مفاده أن المنفذ، أو من أرسلوه، أخضعوا المنطقة ومحيطها لجولات مراقبة، للتعرف على نمطها.
في المكان أيضا، فقد وقعت العملية في مكان أثبت بالأدلة المادية الملموسة فشل جدوى جدار العزل العنصري الذي توقع الاحتلال أن يحمي كيانه الهش، مما استدعى منه استنفار قواته وأجهزته الأمنية لوقف شبح الموت القادم من حيث لا يشعر، ورغم ترقبه لوقوع عمليات في مختلف المستوطنات، ووصوله العديد من الإنذارات، لكن من الواضح أن الاحتلال لم يحدد بدقة مكان هذه العملية، مما شكل فشلاً استخبارياً ذريعاً لمنظومة الأمن.
بالانتقال الى الزمان، فقد أثارت عملية سلفيت علامات استفهام حول كيفية نجاح منفذها الشهيد من الانتقال من هدف لآخر، في قلب مستوطنة متخمة بالتحصينات، الأمر الذي جعل هذه العملية تحمل دلالات بالغة التأثير، خاصة وأنها مثلت تحديا أمنيا على مستوى الزمان، فقد تم تنفيذها وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ووسط حالة تأهب فعلية قائمة بسبب تواصل التحذيرات من وقوع هجمات فدائية أخرى في الطريق.
لقد نجح منفذ عملية سلفيت في الإثبات للاحتلال أن كل استنفاره الأمني وتأهبه العسكري وإجراءاته الميدانية، لم تحل دون قدرته على تنفيذ عملية بطولية بكل المقاييس، خاصة الزمانية والمكانية منها، جعلت الإسرائيليين يعيشون في حالة صدمة من شجاعته وجرأته، وهو يخترق كافة إجراءات الأمن ليصل هدفه الذي حدده بدقة.
هذا المشهد غير المسبوق في العمليات الفدائية، دفعت ببعض مراسلي شؤون الشرطة والأمن في وسائل الإعلام الإسرائيلية لوصف العملية بأنها أقرب ما تكون لأفلام الإثارة في هوليوود، حيث يقتحم البطل المكان، ويبدأ باستهداف المستوطنين، واحدا تلو الآخر، دون أن يأبه بما يواجهه، لكن هذا ما حدث فعلاً!
اللافت أن منفذ عملية سلفيت لم تتم بإطلاق النار، أو بتفجير حزام ناسف، كما جرت العادة، بل بطعن ودعس، ورغم ذلك فقد أوقعت هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى، مما ترك وقعه الكبير على الإسرائيليين، لما أظهره المنفذ من براعة وقدرة على مواصلة عمليته حتى أنفاسه الأخيرة.