رغم حالة الانزياح اليميني الفاشي المتطرف في دولة الاحتلال، كما كشفت عنه نتائج الانتخابات الأخيرة، فإن أصواتا تخرج بين حين وآخر تعترف بالواقع الحقيقي لسياسة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، بل ولا تتوارى في تشبيهها بما ارتكبه النازيون من مذابح وجرائم ضد اليهود أنفسهم خلال الحرب العالمية الثانية، وبموجبها "ابتزّوا" العالم أجمع حتى يومنا هذا.
آخر هذه الأصوات جاءت على لسان وصف عضو الكنيست عوفر كاسيف الذي وصف مجموعات المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنهم "عصابات وميليشيات من الإرهابيين تنفذ مذابح ضد الفلسطينيين كل يوم، كما حدث في ألمانيا من النازيين تجاه اليهود عام 1938"، بل إن "الحكومة وقوات الاحتلال التي تحميهم عبارة عن وحوش، ليس لديهم روح ولا أخلاق؛ ما يدفعني لمقارنة الوضع القائم حاليا في المناطق الفلسطينية بأحداث الهولوكوست التي وقعت في مثل هذه الأيام قبل 84 عامًا، وتحديدا في عام 1938 على يد النازيين تجاه اليهود".
ولأن مذابح العنصريين النازيين ضد اليهود لم تكن عفوية، فإن ما يحدث في كل الأراضي المحتلة مع عصابات المستوطنين والميليشيات كل يوم، حيث يتم قتل الناس وممتلكاتهم، لا يتم بشكل عفوي، والشيء الثاني، وهو ليس أقل خطورة أن كل هذه الجرائم يتم القيام بها بالتعاون مع قوات الاحتلال، مما يمنح المقارنة بين ما يفعله المستوطنون الإرهابيون في الأراضي المحتلة كل يوم، بما ارتكبه النازيون، وجاهة ومشروعية.
كاسيف طالب الإسرائيليين بأن ينظرون في المرآة، ويروا أي وحوش تحولوا قبل أن يزداد الأمر سوءًا؛ ما يجعل المقارنة بين أحداث النازية ضد اليهود وبين ما يقوم به المستوطنون والجيش اليوم ضد الفلسطينيين ضرورية، لأن التشابه ضروري مع المذابح التي تحدث كل يوم، وهذه الوحوش من مليشيات المستوطنين والحكومات التي توافق عليها، وقوات الاحتلال التي تمكّنها وتحميها.
ليست المرة الأولى التي يدلي بها الإسرائيليون بهذه الاعترافات والتصريحات الجريئة ضد جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين، آخرها حين اتهمتهم بعض الأصوات بأنهم "يعدمون الأطفال الفلسطينيين، والاحتلال هو أصل الشرور، وظلم شنيع، وبسببه نشهد إراقة دماء مروعة".
إن جيش الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، يعطي بذلك مصداقية لمقاومته، وهو المعنى ذاته الذي أعلنه إسرائيليون سابقون بالقول إن "المسلحين الفلسطينيين الذين يطلقون النار على جنود الجيش ليسوا إرهابيين، بل مقاتلون فدائيون على غرار الثوار الذين قاتلوا الاحتلال النازي في أوروبا، والفلسطيني الذي يطلق النار على جندي إسرائيلي هو من مقاتلي حرب العصابات، ومن حق أي مسلح استهداف القوة العسكرية المحتلة، والمسلحون الفلسطينيون ينظر إليهم كما نظر غالبية الجمهور في ألمانيا لمن قاتلوا الاحتلال النازي في بولندا، ووصفوهم بالثوار".