يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا، حيث تتواصل جرائم التهويد والتشريد بحق أبناء شعبنا وأهلنا في القدس والمسجد الأقصى المبارك، على حين تستمر مشاريع التهويد والاستيطان في بناء الكتل والثكنات العسكرية الاستعمارية في القدس والضفة المحتلة، ومع قدوم الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة (نتنياهو) ستزداد حتمًا الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا وأرضنا، في ظل الواقع الفلسطيني السياسي المعقد خاصة بعد مؤتمر المصالحة بالجزائر الذي خيب آمال الكثير من الفلسطينيين في الوحدة وإنهاء ملف الانقسام.
إن فلسطين ما زالت دولة محتلة تقع تحت سياط وجرائم الاحتلال الصهيوني منذ 74 عامًا، بل وتزداد جرائم الاحتلال بحق أرضنا الفلسطينية وبحق شعبنا الفلسطيني الصامد، وهناك في سجون الاحتلال أكثر من 5000 أسير وعشرات الأسيرات، وقدمت فلسطين آلاف آلاف الشهداء والجرحى والتضحيات الجسام، وهذه الأيام نتقدم كفلسطينيين بخطوات في الأمم المتحدة، ونحصل على قرارات أممية ذات أهمية على المستوى الأممي في مواجهة جرائم الاحتلال وفضحها أمام المجتمع الدولي والأممي ضمن كفاحنا ونضالنا السياسي والشعبي والدبلوماسي المستمر ضد الاحتلال الصهيوني، حتى ننتصر عليه ويرحل عن أرضنا الفلسطينية المباركة.
إن القرارات الأممية الأخيرة بشأن فلسطين تمثل أهمية كبيرة على صعيد ملاحقة الكيان الصهيوني وإحراجه أمميًّا، إذ تحققت قبل يومين خطوات أممية مهمة، أبرزها موافقة الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، مساء الجمعة، على الطلب الفلسطيني التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وإلزامها إصدار فتوى قانونية بخصوص الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية، واعتباره ضمًّا فعليًّا، كما صوتت قبل أيام اللجنة الثانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على قرار السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها شرقي القدس، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل، على موارده الطبيعية، إذ صوتت (151) دولة لصالح القرار، وضد (7) دول: (كندا، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، بالاو، الولايات المتحدة الامريكية)، وامتناع (10) دول: (أستراليا، بوروندي، كاميرون، ساحل العاج، غواتيمالا، كيريباتي، رواندا، جنوب السودان، توغو، تنزانيا).
هذه القرارات الأممية لها أهمية كبيرة على الساحة الدولية في محاكمة الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، وقد توصي المحكمة الدولية بإجراءات دولية وفرض عقوبات ومقاطعات على الكيان، بل وهذه القرارات تؤثر في صورة الاحتلال أمام المجتمع الدولي، وفي قاعات وأروقة الأمم المتحدة، وتجعل من الوفد الصهيوني، وفدًا منبوذًا ومقاطعًا أمام الوفود الأممية والمشاركين في جلسات الأمم المتحدة ومجالسها وهيئتها الأممية المختلفة، وقد عبر المسؤولين الصهاينة عن القلق الكبير تجاه تحركات الفلسطينيين في الأمم المتحدة، يتمثل في إمكانية منح شرعية لحركة BDS (الحركة العالمية لمقاطعة (إسرائيل) وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها)، إذ هاجم السفير الصهيوني لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان هذه القرارات الأممية، معتبرًا إياها المسمار الأخير في نعش أي فرصة للسلام والتقدم في المستقبل، كما أظهر الكثير من الصحفيين الصهاينة امتعاضهم الشديد واستياءهم لهذه القرارات التي تخدم الفلسطيين.
إن مثل هذه القرارات الأممية المهمة، يجب أن يبنى عليها وتستثمر من قبل الفلسطينيين أنفسهم، وخاصة سفارات السلطة بالخارج ومكاتب منظمة التحرير، ويجب أن تستثمر داخليًّا نحو الوحدة والتكاتف وإنهاء الواقع السياسي الأليم وواقع التفرد بالكثير من القرارات الفلسطينية، والانطلاق بأسس جديدة لبناء المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، واستثمار فرصة مؤتمر الجزائر والبناء عليها من جديد، نحو الانطلاق ببرنامج فلسطيني مقاوم، وأهداف فلسطينية واضحة تؤسس لمرحلة جديدة تسير قدمًا نحو التحرر من الاحتلال الصهيوني وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، والوقوف في وجه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا.