أكد مراقبون اقتصاديون أن نجاح إعادة تفعيل مؤسسة الضمان الاجتماعي، يتطلب إنصاف العاملين المنتسبين إليها خاصة في القطاع الخاص، ووضع هيكلية واضحة، وحماية أموال الصندوق من التعدي والسرقات، لتفادي ما حدث مع صندوق هيئة التقاعد.
يأتي ذلك في أعقاب تأكيد وزير العمل في حكومة رام الله نصري أبو جيش، ضرورة إعادة تفعيل مؤسسة الضمان الاجتماعي ودعم الحماية الاجتماعية للعمال.
والضمان الاجتماعي اصطلاحًا، قانون يوفر منافع التأمينات الاجتماعية للمؤمن عليهم وعائلاتهم، بالاعتماد على مبادئ الإنصاف والاستدامة والشفافية والكفاءة، على أن تكون الدولة الضامن النهائي لتطبيق أحكامه.
وكان رئيس حكومة رام الله الحالي محمد اشتية جمد العمل بالقانون منذ ثلاث سنوات، بعد أن حدث خلاف حول القانون في عهد حكومة رامي الحمد الله السابقة.
اقرأ أيضًا: عباس يقرر وقف نفاذ قانون الضمان الاجتماعي وتعديلاته
وأكد الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران على أن مؤسسة الضمان الاجتماعي ينبغي أن تكون مستقلة ماليًّا وإداريًّا، لضمان سير عملها بالشكل السليم ونزاهة عملها.
ولفت الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى أن استثمار أموال صندوق الضمان بطريقة سليمة يأتي بفائدة على المؤسسة والمنتسبين إليها والحكومة والاقتصاد عمومًا.
وعد مؤسسة الضمان الاجتماعي مهمة لتحصيل حقوق العمال الفلسطينيين المحتجزة لدى طرف الاحتلال الإسرائيلي والمقدرة بنحو 20 مليار دولار.
وأوضح الدقران أن اتفاق أوسلو المبرم بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي نص على إنشاء هيئة ضمان اجتماعي فلسطينية لتحويل أموال العمال المحتجزة عند الاحتلال إليها، غير أن محاولات السلطة في هذه الاتجاه تبوء بالفشل.
وأشار الدقران إلى مشروعية تخوف العمال على أموال الصندوق من هيمنة بعض المتنفذين في السلطة، وأن الذي يزيد القلق لديهم ما يحدث الآن في صندوق هيئة التقاعد، إذ إن السلطة غير ملتزمة تسديد مساهمات الموظفين، كما أن استدانتها من الصندوق عالية جدًّا، ولم تُعِد الحقوق المالية للصندوق حتى أصبح مفلسًا.
اقرأ أيضًا: وقفة في غزة رفضاً لقانون الضمان الاجتماعي
ومنذ نحو عام، يُجري خبراء من منظمة العمل الدولية، مشاورات مع مختلف مكونات قانون الضمان الاجتماعي من نقابات وقطاع خاص وحكومة، وتمهد المشاورات إلى إعادة فتح حوار بشأن إعادة العمل بالقانون، داخل السوق الفلسطينية، في وقت يدور البحث في أروقة وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية عن أفضل الطرق لإعادة تسويق القانون مجددًا.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن إعادة طرح موضوع الضمان الاجتماعي دون الأخذ في الحسبان التعديلات السابقة سيبقى أمر المؤسسة يسير في حلقة مفرغة.
ودعا عبد الكريم في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى بحث موضوع المؤسسة مع كل الأطراف ذات العلاقة، وعدم التسرع في إصدار قانون يصعب تطبيقه خاصة فيما يتعلق بنسب مساهمات أرباب العمل في الصندوق، وأن تكون حوكمة الصندوق واضحة، مشيرًا إلى أن الخلاف مجددًا حول الصندوق سيبقيه بعيدًا عن النقاش في السنوات السابقة.
ولفت إلى أهمية التدرج في تطبيق القانون لتطور المؤسسة وتوسعها، وتنظيم حملة توعية للمواطنين حول القانون، وضرورة إقرار قانون التنظيم النقابي لضمان مشاركة النقابيين في صندوق الضمان الاجتماعي.
وبحسب ما ذكره موقع المنقبون الإخباري، فقد تم نقاش عدة مسائل بشأن الضمان الاجتماعي كمؤسسة؛ المسألة الأولى، إعادة تفعيل مؤسسة الضمان الاجتماعي الحالية، التي اتُّخِذ قرار بتجميدها مع تولي رئيس الحكومة الحالي محمد اشتية، لنزع فتيل غضب الشارع المحلي على تفاصيل قانون الضمان الاجتماعي، وستتولى المؤسسة، مهام إدارة تحصيل رسوم الضمان الاجتماعي الشهرية من مؤسسات القطاعين الخاص والأهلي، وإعادة استثمار الأموال لتحقيق استدامة في مصادر الدخل.
والمسألة الثانية، أن تكون هيئة التقاعد الفلسطينية، هي المؤسسة الجامعة للقطاعات (العام، الخاص، الأهلي)، وهي من يتولى تحصيل الاشتراكات الشهرية، وإعادة استثمار الأموال.
اقرأ أيضًا: لماذا يتظاهر المواطنون بالضفة رفضاً لـ"الضمان الاجتماعي
تجدر الإشارة إلى أنه جرى تجميد القرار بقانون الخاص بالضمان الاجتماعي بعد توسع دائرة الاحتجاج عليه إلى حين البت في الملاحظات التي أثيرت حوله من قبل مؤسسات حقوقية وخبراء اقتصاديين والقطاع الخاص وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
وتتمثل أبرز الانتقادات التي وجهت لقانون الضمان الاجتماعي في وجود ضعف في مأسسة إدارة الضمان الاجتماعي، وغياب للهيكل التنظيمي والأنظمة المالية والإدارية اللازمة لعمل مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي ينص عليها قرار بقانون الضمان الاجتماعي.
ورغم تأكيد القرار بقانون على الاستقلال المالي والإداري الكامل لمؤسسة الضمان الاجتماعي عن الحكومة، ورغم عدم وجود أي صلاحية لرئيس مجلس إدارة الضمان في جميع نصوص القرار بقانون (124 مادة) باستثناء إدارة جلسات مجلس الإدارة، لكون النصوص القانونية ركزت على المجلس كمؤسسة متكاملة، إلا أن أداء رئيس مجلس الإدارة على أرض الواقع يسير في اتجاه مغاير، لكونه يخلط بين دوره كوزير للعمل ودوره كرئيس لمجلس إدارة مؤسسة الضمان.