لم يعد سرّا أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي تتزامن مع انتخابات الكونغرس الأمريكي، ستترك تأثيراتها الكبيرة على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، لاسيما في المجالات المهمة من الأمن والدبلوماسية، وقد تجدان صعوبات في كيفية تجاوز التباينات الناشئة بين حكومة يمينية كاهانية لا تخفي تطلعاتها الفاشية، وبين إدارة ديمقراطية تسعى لتبريد التوترات في المنطقة، لاسيما على الساحة الفلسطينية، للتفرغ لمواجهات أعنف تجري مع الدب الروسي في شرقي أوروبا.
كما لم يعد سرًّا أيضًا أن إدارة بايدن تشعر بخيبة أمل ليس فقط من فوز نتنياهو، بل أيضًا من جانب شركائه المتطرفين في الائتلاف الحكومي القادم، خاصة حزب الصهيونية الدينية بزعامة بيتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، رغم أن ردود الأفعال الأمريكية الرسمية على نتائج الانتخابات الإسرائيلية خرجت مهذبة ودبلوماسية، لكن ذلك لا يخفي نفورها منها، وكل ما قد تمثله الحكومة الجديدة.
للمرة الثالثة، لم يعد سرًّا أن الحكومة المقبلة قد تكون الأكثر يمينية على الإطلاق في تاريخ الاحتلال، ورغم تفاخر نتنياهو بصداقته مع بايدن، وحديث الأخير في اتصاله المتأخر لتهنئته، عن متانة "أخوّتهما" لحفظ أمن الاحتلال، لكنه يعرف نتنياهو أكثر من غيره، أن الأخير صاحب سجل طويل في خرق التقاليد المتبعة في علاقات الجانبين، لاسيما عند وقوفه لصالح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية السابقة، وتحديه غير المسبوق ضد الرئيس الأسبق أوباما، حين كان بايدن نائبا له.
أكثر من مرة أصدر الأمريكيون سلسلة تحذيرات من تزايد نفوذ المتطرفين اليهود في الحكومة القادمة، مما سيجعل هذا أول امتحان لعلاقة نتنياهو مع إدارة بايدن، من حيث قدرته على كبح جماح سموتريتش وبن غفير، اللذان يعتبران حقل ألغام خطير في العلاقات الثنائية بين تل أبيب وواشنطن، خاصة وأن الأخيرة صنفت الحاخام مائير كهانا، الزعيم الروحي للأخير بأنه عنصري، وعدت منظمته التي أسسها إرهابية.
امتحان ثاني لعلاقة بايدن مع نتنياهو تتعلق بسلوك الحكومة المقبل مع فلسطينيي الـ48، وسياسته إزاء الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى، المكان القابل للانفجار في أي لحظة، وقد سبق أن ألمحت إدارة بايدن أنه إذا تولى ابن غفير وزارة الأمن الداخلي، فلن تتعاون معه.
صحيح أن التهديد الأمريكي المتوقع في حال تنفيذه، سيسبب ضررًا أمنيًا فعليًا، لكنه قد يمتد لمجالات أخرى مثل التعاون الأساسي في المنظمات الدولية، خاصة في الأمم المتحدة، وطي صفحة إعفاء الإسرائيليين من تأشيرات دخول الولايات المتحدة.
امتحان ثالث يتعلق بمطالب المتطرفين اليهود بشرعنة البؤر الاستيطانية، وتوسيع المستوطنات القائمة، فضلا عن استخدام القوة غير المتناسبة ضد الفلسطينيين، وكلها قد تواجه بردود فعل قاسية من إدارة بايدن، وقد يشمل ذلك إعاقة تقديم بعض المساعدات العسكرية، وجعلها أكثر صعوبة.