فلسطين أون لاين

المؤتمر السابع فصل غزة عن الضفة الغربية


حين يفوز 5 أعضاء فقط، من سكان قطاع غزة، في انتخابات المجلس الثوري لحركة فتح، من أصل ثمانين عضواً، فمعنى ذلك أن غزة ممثلة في القرار التنظيمي لحركة فتح بنسبة تقل عن 4%، والذي يعزز هذا التقدير هو فوز شخص واحد من سكان قطاع غزة في انتخابات اللجنة المركزية لحركة فتح التي تضم 21 عضواً.

لن أضيق مجال التفكير وأزعم أن الرئيس محمود عباس أخطأ في قراءة الواقع، وقدم دون أن يدري نصراً كبيراً للنائب محمد دحلان، الذي سيخطو واثقاً إلى قيادة حركة فتح في قطاع غزة على أقل تقدير، بعيداً عن الضفة الغربية، وإنما سأجزم أن استثناء تنظيم حركة فتح في غزة كان عملاً مدروساً بعناية فائقة، وتم التخطيط له في الغرف المغلقة، بهدف تمزيق الوحدة التنظيمية لحركة فتح نفسها، كي تتماثل مع الانقسام الجغرافي القائم بين غزة والضفة الغربية، ولهذا التمزيق أبعاد سياسية وتنظيمية لن يطول انتظارها، وأهمها:

أولاً: شعور معسكر محمد دحلان بأنه الأقوى الآن، ولاسيما بعد انضمام آلاف العناصر التنظيمية الغاضبة من مقررات المؤتمر السابع، وانضمام الذين تم استبعادهم عن أعمال المؤتمرـ إضافة إلى الذين رشحوا أنفسهم لانتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية، وتم إقصاؤهم بشكل زعزع ثقتهم بأعمال المؤتمر، هذا الجمع الهائل من شباب حركة فتح، هو القاعدة العريضة لمؤتمر فتح السابع الذي سيدعو إليه محمد دحلان قريباً جداً، وفق تقديري، المؤتمر الذي سيكون عموده الفقري قطاع غزة، تماماً كما كانت الضفة الغربية هي العمود الفقري لمؤتمر حركة فتح السابع، لتكون النتيجة هي افتراق غزة عن الضفة الغربية تنظيمياً بشكل نهائي.

ثانياً: سيزغرد محمود عباس في عبه للمؤتمر الذي سيدعو إليه دحلان، فقد تحقق له ما أراد من تعزيز الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتحققت له الرغبة في التخلص من تنظيم حركة فتح في قطاع غزة، ليخطو بعد ذلك في اتجاه الدعوة إلى عقد جلسة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني، تكون بمثابة تفويض فصائلي لمحمود عباس، يرد فيه على مؤتمر دحلان.

قد يسأل البعض: وماذا عن حركة حماس التي شاركت في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وتنتظر خطوة عملية من عباس؟ وهل من مصالحة فلسطينية تسبق انعقاد المجلس الوطني؟

الإجابة على هذا السؤال تعود بنا إلى عشر سنوات خلت، حين أعطى محمود عباس أوامره إلى الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بعدم التدخل فيما يجري من أحداث داخل قطاع غزة، حتى أمسى جهاز الشرطة الفلسطينية متفرجاً على الاعتداءات اليومية بحق المواطنين، ولم تحرك الأجهزة الأمنية ساكناً، رغم تصاعد الصراعات الداخلية والعائلية، التي وصلت إلى حد الاشتباكات المسلحة اليومية في أكثر من مكان، ليترعرع في ذلك الوقت الانفلات الأمني وفق خطة مدروسة، الهدف منها هو الوصول إلى هذه الحالة من الانقسام التنظيمي المرهق للوطن.

وإذا شحذ الشعب الفلسطيني ذاكرته تأكد لديه أن الحريص على تمزيق وحدة حركة فتح، لن يكون حريصاً على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، ومن يرعى الانقسام لا يمكنه رعاية المصالحة.