يعدُّ الثاني من نوفمبر من كل عام محطة مهمة يقف عندها الفلسطيني. في هذه المحطة كان وعد بلفور المشؤوم سنة ١٩١٧م، أي قبل (١٠٦) سنوات. في كل عام يتذكر الفلسطيني تاريخ وطنه وشعبه، ويتذكر المكر البريطاني الذي أنشأ دولة العدو الصهيوني، على أرض فلسطين، وتسبب بنكبة شعب فلسطين، وهي النكبة التي ما تزال تقض مضاجع الفلسطينيين.
ما يمكن تذكره في هذا التاريخ، وتذكر ما يرتبط به من تداعيات سلبية على الفلسطينيين كثيرة، وذات صبغة تراكمية مؤلمة، وأجد نفسي في هذا العام أتذكر المسألة الديموغرافية لفلسطين في هذا التاريخ، وتطوراتها وتداعياتها.
تقول الذاكرة إن عدد سكان فلسطين في عام ١٩١٨م كان (694000) الفلسطينيون منهم (644000) أي بنسبة 92.8% وكان عدد اليهود (5000). أي بنسبة (7.2%). وكان عدد سكان فلسطين في عام النكبة 1948م هو (2065000)، وكان الفلسطينيون منهم (1415000) بنسبة (68.5%) وعدد اليهود (650000). هذه الأرقام عن دراسة نشرتها الجزيرة القطرية، وكان السكان اليهود لا يمتلكون (10%) من أراضي فلسطين في عام 1948م. الآن في دولة الاحتلال ما يزيد على سبعة ملايين يهودي، ومليون ومائتي ألف فلسطيني.
هذه الأرقام أثارت مجموعة من الأسئلة منها لماذا فشلت القيادات الفلسطينية في مقاومة وعد بلفور وتداعياته، على الرغم من قلة اليهود وقلة ما يملكون من أراضٍ، وقد تنبه أهل العلم في السياسة لخطر وعد بلفور، وخطر السكان اليهود مبكرًا قبل نكبة عام ١٩٤٨م.
نعم، قيل في الإجابة بريطانيا هي السبب، و مكر اليهود سبب ثانٍ، وخذلان القادة العرب سبب ثالث، ولم يلتفت المجيبون إلى السبب الذاتي، الذي يتعلق بالفلسطيني نفسه! إن المنطق يقول بوجود سبب ذاتي، والتحليل العلمي يعترف بالسبب الذاتي، وعليه أجد أنه ثم ضرورة فلسطينية داخلية لدراسة السبب الذاتي، ومعرفته مواطن الخلل، ولماذا نقفز عنه؟ وقد لفتنا الشارع الحكيم للنظر في أنفسنا مثلما ننظر في الكون من حولنا.
أقول نحن في حاجة لدراسة الأسباب الذاتية، لأنني أرى ونحن على مسافة ما يزيد على مائة عام من وعد بلفور، أن الأسباب الذاتية الفلسطينية الحديثة هي من أهم معوقات التحرير، ومن أهم عوامل قلة نجاح المقاومة، وكذا المفاوضات، وفرض الحق في تقرير المصير على دولة الاحتلال ودول العالم. هذا مقال يدعو لمراجعة الذات في جميع محطات القضية الفلسطينية.