يقترب نتنياهو ومعسكره اليميني من الإمساك بزمام المبادرة، وتشكيل حكومة جديدة في نهاية حملة انتخابية طويلة أخرى، مع وجود الكثير من القضايا الملحة في الخلفية التي تحتاج إلى معالجة، الأمر الذي سيجعل على طاولته جملة من التحديات الكبيرة التي ستواجهه، إذا ما قدر له أن يعود مجددا الى مقر رئيس الحكومة الذي غادره العام الماضي فقط.
ليس سرًّا أن الملف الإيراني سيكون على رأس أجندة الحكومة القادمة، سواء من خلال البرنامج النووي، أو القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة والمتفجرات وصواريخ كروز، مما قد يؤثر على صورة دولة الاحتلال كقوة إقليمية ذات قدرات بعيدة المدى، وهو ما يستدعي بالضرورة وصول التنسيق الإستراتيجي الكامل مع الولايات المتحدة إلى ذروته، لممارسة الخيار العسكري، عند الضرورة.
موجة عمليات الضفة الغربية ستكون مدرجة في صدارة اهتمامات الحكومة القادمة التي ستجد نفسها مطالبة بأن تجد إجابة سريعة لها، صحيح أن المؤسستين الأمنية والعسكرية تبذلان جهودا حثيثة لمواجهتها، لكن إخفاقها عمل على انتقال ثقل الهجمات الفدائية من الشمال حيث نابلس وجنين جنوبا حيث الخليل وأريحا، مع العلم أن الأمر قد يتجاوز التوتر الميداني باتجاه قضية سياسية تتعلق بطبيعة الصراع مع الفلسطينيين، خاصة وأن السلطة الفلسطينية تتفكك أمام نواظر الاحتلال.
ليس سرًّا أن الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، وتطويرها، تعد من مهام الحكومة المقبلة، للتعامل مع العديد من القضايا المعقدة في المنطقة والعالم، خاصة وأن التغذية الراجعة من علاقات نتنياهو وأوباما لا تبشر بخير كثير في حال نجح بتشكيل الحكومة، وواجه أمامه في البيت الأبيض جو بايدن، الذي بذل جهودا لا تخطئها العين لإنجاح لابيد في الانتخابات.
في الوقت ذاته، فإن الحفاظ على علاقات خاصة مع الدول العربية "المطبّعة"، سيكون مدرجا على أجندة الحكومة المقبلة، لاسيما وأن نتنياهو هو الذي بادر لتوقيع هذه الاتفاقيات، وجاء لابيد وعززها من خلال قمة النقب، ولذلك قد تكون الحكومة الجديدة في حال سعي حثيث لمحاولة توسيع هذا التطبيع، وتقويته، وضم دول عربية وإسلامية وازنة.
على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، تظهر ملفات الموازنة وأزمة السكن وغلاء المعيشة، فضلا عن التعامل مع الجريمة المنتشرة بين فلسطينيي 48، حيث قُتل 94 منهم حتى الآن هذا العام، بعد عام 2021 الذي يعد الأكثر دموية، فقد شهد 126 حالة وفاة، ما يستدعي من الحكومة الجديدة معالجة هذه القضية الملتهبة، ومحاولة وقف الجريمة المتفشية، باعتبارها التهديد الأول للفلسطينيين في الداخل المحتل، الذين يتهمون شرطة الاحتلال بالتقاعس في مواجهتها، وأحيانًا غض الطرف عنها.