تتصاعد العمليات الفدائية البطولية في أنحاء القدس والضفة المحتلة، حيث باتت قوات الاحتلال الصهيوني تعيش حالة من الجنون والهستيريا الأمنية، وسط الظروف الحساسة والدقيقة التي يمر بها الكيان قبيل عقد انتخاباته الخامسة؛ فقد اشتدت العمليات الفدائية خلال الأسبوع الماضي، وتصاعدت المواجهات اليومية مع قوات الاحتلال في كل الميادين والساحات.
وإن ازدياد العمليات الفدائية جعلت رئيس حكومة الاحتلال (لبيد) يخرج عن صمته وعجزه في مواجهتها، حيث قال في تصريحات صحفية: إن قواته تبذل جهودا كبيرة ومضاعفة للسيطرة على العمليات ووقف الأعمال الهجومية ضد المستوطنين، وهم في خضم عملية مكثفة جدًا داخل مناطق الضفة، وفي أماكن صعبة مثل البلدة القديمة بنابلس، ومخيم جنين، وأنه على الصهاينة أن يقرروا ما إذا "كنا نريد السيطرة على 3 ملايين فلسطيني في جنين ونابلس ورام الله"، والكلام لرئيس الحكومة (لبيد) الضعيف المهزوم الذي يسعى لإرضاء الناخب الصهيوني من أجل البقاء على سدة الحكم في الكيان.
إن ازدياد العمليات الفدائية وتصاعدها يدلل على تطور نهج المقاومة وازدياد عدد الشباب الثائر الذين يدافعون عن شعبهم وأرضهم ومقدساتهم بما يمتلكون من وسائل مقاومة بسيطة ذات تأثير كبير ومرعب للمحتلين؛ عندما يواجه الشاب الثائر بمسدسه ثكنة عسكرية وجنودا مدججين بأعتى أنواع السلاح، ويقتل ويصيب منها؛ فإن هذا الأمر يؤكد على الانهزامية النفسية التي يعيشها جنود الاحتلال على الحواجز العسكرية وداخل الثكنات المحصنة.
إن عمليات مجموعات الشباب الثائر التي تحمل اسم عرين الأسود تتصاعد وتزداد في الضفة والقدس بل ظهرت مجموعات ثائرة جديدة؛ هذا ما ذكره حيث ذكر تقرير إعلامي نشره موقع الاستخبارات العبري (واللا) على صفحته الإلكترونية، أكد ظهور مجموعات مقاومة جديدة في الضفة الغربية، تسير على خطى ونهج عرين الأسود، وتحدث التقرير عن ظهور مجموعتين جديدتين تحملان اسم (وكر الصقور) في مدينة طولكرم شمال غربي الضفة، فيما ظهرت المجموعة الثانية في مدينة الخليل جنوب الضفة، حيث يبذل جهاز الشاباك العام الاستخباري وقوات الاحتلال جهودًا كبيرة في مواجهة تصاعد (ظاهرة) مجموعات المقاومين بحسب ما نشره التقرير عبر موقع (واللا) العبري، وأن قوات الجيش تقوم بتنفيذ عمليات مداهمة للقرى والمدن بالضفة على مدار الساعة، وذلك لتتبع أفراد المجموعات الثائرة واغتيالهم أو اعتقالهم، وهذا ما حدث مع أحد قادة مجموعات (عرين الأسود) الشاب المقاوم تامر الكيلاني، الذي تم استهدافه بعبوة ناسفة في نابلس، وهو من أشرس مقاتلي المجموعات، حيث تم اغتياله بنفس طريقة اغتيال الشهيدين الثائرين الناني جوابرة وباسم أبو سرية، رحمهم الله .
إن تصاعد وتيرة العمليات البطولية في القدس والضفة، وظهور مجموعات ثائرة جديدة جعلا الكيان يعيش أوضاع أمنية غير مستقرة، من جراء عدم قدرة قوات الاحتلال على مواجهة هذه العمليات، وقيامها بتكثيف الاقتحامات العسكرية للمدن والقرى في الضفة، بل واستخدام كل الوسائل العسكرية لديها بهدف القضاء على المجموعة الشبابية الثائرة، في المقابل فإن الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) "يوفال ديسكن" حذّر بشدة من خطر الأوضاع الأمنية في الكيان وتفاقمه، في ظل حالة التشرذم والانشقاق التي يتعرض لها المجتمع الاسرائيلي والتي وصفها بـ(غير المسبوقة) منذ إقامة الكيان الصهيوني؛ وقال (ديسكن) في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: إن الكيان العبري تعرّض ثلاث مرات للخطر الحقيقي المرة الأولى والثانية كانتا في عامي 1948م، و 1973م، أما الخطر الحقيقي الثالث والوجودي فهو في هذا عام 2022م، ويشدد على خطر حالة التفكك في المجتمع الصهيوني، والانهيار الداخلي، في ظل استمرار تجاهل الحكومات الصهيونية المتعاقبة لما يحدث داخل المجتمع والمشاكل الداخلية الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًّا على وجود الكيان، في ظل تراجع للراغبين في الخدمة العسكرية، وموجة الهجرة المعاكسة بالكيان، وسط تراجع انخراط الجيل الجديد من الشباب في الأعمال العسكرية.
ما يحدث في الضفة الغربية والقدس من عمليات بطولية، يشكل قلقًا كبيرًا وأرقًا لدولة الكيان، في ظل انشغال الحكومة الصهيونية في مواجهة هذه العمليات ومحاصرتها؛ الأمر الذي ينعكس بشكل كبير على المجتمع الصهيوني، ويزيد الأزمات الكبيرة الداخلية التي تعصف بالكيان، وسط عدم مقدرة أي حزب من الأحزاب الصهيونية على تشكيل حكومة، بسبب الخلافات والتناحر الداخلي بين الأحزاب الصهيونية؛ فإن اشتداد هذه العمليات وتوسعها تشكل خطرًا كبيرًا على الكيان وعلى وجوده على المدى البعيد؛ بل وتزعزع أمنه وتفشل نظرياته العسكرية في مواجهة المجموعات الشبابية الثائرة والقضاء عليها.