لم تتوقف مساعي الاحتلال الإسرائيلي لإحكام سيطرته المُطلقة على حي الشيخ جراح شرقي مدينة القدس المحتلة، بتنفيذ مخططات استيطانية هدفها الأساسي دفع ساكنيه الأصليين للهجرة قسرا، وإحلال المستوطنين بدلا منهم.
وتخطط سلطات الاحتلال لتنفيذ ثلاثة مشاريع جديدة في حي الشيخ جراح، الذي يعد نقطة صراع مركزية على خط التماس بالقدس في السنوات الأخيرة؛ لمضاعفة أعداد المستوطنين، حسبما كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية في عددها الصادر أمس.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشروع الأول يتضمن خطة لبناء مبنى سكني استيطاني جديد من ستة طوابق، والثاني مخطط لهدم مبنى قائم وإنشاء مبنى سكني آخر من خمسة طوابق مكانه، والثالث تشييد مبنى تجاري، ومكاتب من ستة طوابق، فوق أربعة طوابق تحت الأرض.
المواطن المقدسي أبو علاء سكافي (72 عاما)، أحد القاطنين في حي الشيخ جراح، يرفض مخططات الاحتلال "جُملة وتفصيلا"، مؤكداً أنه لن يخرج من بيته مهما كلفه الثمن، حتى لو على حساب حياته.
ويقول سكافي الذي يسكن الشيخ جراح منذ عام 1956: إن الاحتلال يبذل كل جهوده لإفراغ الحي من ساكنيه بشكل كامل، وصولا للاستيلاء الكامل عليه وتوطين مستوطنين بدلا منهم "وهذا لن يحصل بإذن الله".
وأكد لصحيفة "فلسطين" أن تنفيذ هذه المخططات له انعكاسات سلبية على واقع الحي وساكنيه، وأن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، لافتا إلى أنها تستغل الأزمات التي تشغل غالبية دول العالم وخاصة روسيا وأوكرانيا لتنفيذ مخططاتها.
وعدّ مخطط الاحتلال الهادف لتفريغ الحي المقدسي أول خطوة لتحقيق هدفه الاستيطاني بإنشاء ما سماه "منطقة الحوض المقدس" بدءا من الشيخ جراح مرورا بالأحياء والمدن المقدسية الأخرى مثل سلوان وغيرها.
وأردف: "سنبقى حتى الرمق الأخير ندافع ونناضل بكل ما نملك وبصدورنا العارية دفاعا عن أرضنا وبيوتنا، ولن نرحل حتى لو أصبحنا بلا مأوى".
وأكد الناشط المقدسي من حي الشيخ جراح محمد الصباغ (74 عاما) تشبثه وتمسكه بأرضه وبيته، رافضا كل مخططات الاحتلال الرامية لطرد السكان من الحي.
وقال الصباغ الذي يقطن في الحي منذ عام 1956: إن الاحتلال يسعى لإخلاء الحي من السكان عبر بناء مستوطنات في محيطه، وصولا لإجبارهم على الهجرة قسرا، وإنه كثف ممارساته الاستيطانية والعنصرية ضد السكان لتحقيق مخطط "الحوض المقدس"، مشددا "لن نخرج من بيوتنا، وسيواجه السكان انتهاكاته بكل ما يملكون من وسائل وعبر تنظيم الوقفات الأسبوعية".
وذكرت الصحيفة العبرية أن المشاريع الثلاثة الجديدة تبعد عشرات الأمتار فقط عن مستوطنة "نحالات شمعون"، وأن المبادرين هم رجال أعمال يهود يتحلون برؤية صهيونية، ويملكون الأرض بواسطة شركات أجنبية.
ووفق الصحيفة، تعيش في حي الشيخ جراح حاليا 21 عائلة يهودية، وعندما يتم تنفيذ الخطط فإن البؤرة الاستيطانية اليهودية الصغيرة ستنمو لتصل إلى نحو 40 عائلة وأكثر من ذلك، مضيفة "ظاهريا؛ المقصود مبادرة تجارية، لكن التخطيط التفصيلي يُظهر رغبة في زيادة عدد العائلات الاستيطانية اليهودية في المنطقة".
وتشير بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية إلى وجود نحو 700 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها شرقي القدس.
ويعد القانون الدولي الضفة الغربية وشرقي القدس أراضي محتلة، ويعد جميع أنشطة بناء المستوطنات هناك غير قانونية.