فلسطين أون لاين

مفاوضات لتعزيز المستوطنات

قبل 13 سنة، وبالتحديد في تاريخ 19/10/2009، نشرت مقالاً في عدة صحف تحت عنوان "مفاوضات لتعزيز المستوطنات"، استشهدت في المقال بحديث وزير الخارجية الأمريكية في حينه، الذي قال: إن توقف البناء في المستوطنات لم يكن يوماً من الأيام شرطاً لتواصل المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين". واستشهدت في المقال بحديث "ليبرمان" وزير خارجية العدو الإسرائيلي في ذلك الوقت، إذ قال: إن السلطة الفلسطينية لم تطرح في السابق شروطا سابقة للمفاوضات، لا مع حكومة باراك، ولا مع حكومة شارون، ولا مع حكومة أولمرت، وقد أجرت السلطة المفاوضات في ظل التوسع في المستوطنات".

تلك الحقائق السياسية التي تجسدت مفاوضات عبثية لعشرات السنين، مع تواصل التمدد الاستيطاني، أضرت بالقضية السياسية الفلسطينية، وأضرت بالأرض التي يقيم عليها الفلسطينيون مستقبلهم، ويحلمون بإقامة بعض دولة على ترابها، حقائق صفعت قيادة الشعب الفلسطيني بالفشل، وتركت الشعب يمضغ السؤال الصعب: ماذا جنينا من المفاوضات مع عدونا الإسرائيلي؟ وإلى متى تظل قيادتنا الفلسطينية تلهث وتتوسل المفاوضات وهي تعرف أن المزيد من المفاوضات يعني المزيد من ضياع الزمن الفلسطيني والأرض؟

ولا قيمة لوجود السلطة الفلسطينية دون شماعة المفاوضات، لذلك تتابع قيادة السلطة استطلاعات الرأي بشأن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وتتمنى على الله أن يفوز معسكر يائير لابيد، على أمل أن تستأنف المفاوضات العبثية، لعدد إضافي من السنين، تقول خلالها للشعب الفلسطيني إنها تعمل، وإن لها برنامجا سياسيا، وإنها تفاوض من أجل قيام الدولة الفلسطينية.

ويائير لابيد رئيس وزراء الاحتلال المؤقت، وصاحب الحظ الضعيف جداً في الفوز بتشكيل حكومة الاحتلال القادمة، لابيد يهتم بوجود سلطة فلسطينية ضعيفة، تقف على باب مكتبه، ترخي أذنها، لتستمع منه إلى تصريح يفتح أمامها بوابات الأمل إلى استئناف المفاوضات، لذلك صرح في لقائه الأخير مع الصحف العبرية، بأنه يؤيد الاجتماع مع الفلسطينيين، وأنه أعلن في الأمم المتحدة عن تأييد "لحل الدولتين"، وذلك لأن العالم يريد أن يسمع من (إسرائيل) موافقتها على "حل الدولتين"، ولذلك، أنا أطربت العالم، وأسمعتهم عبارة "حل الدولتين"، وبهذا يكون لابيد قد اختصر مجمل الرؤية السياسية الإسرائيلية، والتي تقوم على مجاراة الرأي العالمي، ولكن دون التفريط بـ"وحدة أرض" (إسرائيل) كما يزعمون.

حلم قيادة السلطة باستئناف المفاوضات إذا فاز معسكر يائير لابيد قد يتبخر إذا فاز معسكر نتنياهو، وهو الأقرب إلى الفوز حتى اللحظة، ومعسكر نتنياهو هذا سيضم الأكثر منه تطرفاً، حزب الصهيونية الدينية، والذي تعطيه استطلاعات الرأي 15 مقعداً في انتخابات الكنيست، ليصير من حق الإرهابي إيتمار بن غفير أن يطالب بوزارة الحرب، وفي هذه الحالة سيغلق الباب على أحلام السلطة الفلسطينية بمفاوضات.

فماذا ستفعل قيادة السلطة إذا فاز نتنياهو؟ وما مصير مشروعها السياسي؟ هل ستظل تتغنى بالمفاوضات، و"حل الدولتين" أو سيكون لها موقف مغاير لمسارها التاريخي؟

أزعم أن الجواب سيكون بيد الشعب الفلسطيني، الذي بدأ يأخذ مكانه، وبدأ يفرض نفسه في الميدان، ولا سيما بعد أن أشرقت شمس البطولة على أرض الضفة الغربية، وتحرك فوق ثراها رجال كتائب جنين، وقد سطع نجم عرين الأسود، وتقدم مخيم شعفاط خطوات على طريق المواجهة، تاركاً قيادة السلطة تنتظر الهزيمة مع نتائج الانتخابات 25 للكنيست الإسرائيلي.