على مدار سبعة عقود من العمل، وبميزانية سنوية تقدر بـ3 مليارات دولار، وحوالي 7000 موظف مُوزَّعين بين "تل أبيب" وعدد كبير من المدن والعواصم العالمية، كضباط وعملاء ومندوبين، ومن مختلف الجنسيات، يعمل جهاز (الموساد) التابع للاحتلال الإسرائيلي كواحدٍ من أكبر وكالات التجسس والقتل والخطف.
واكتنف عمل جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي، المعروف اختصارًا باسم "الموساد" الكثير من الغموض والسرية، من خلال تنفيذه للعديد من عمليات الاغتيال والتصفية بحق القيادات الفلسطينية والعربية والإسلامية، وغالبًا، لا يعلن الاحتلال بشكل صريح مسؤوليته عن معظم عمليات الاغتيال التي يُنفّذها.
ويقول الخبير الأمني الأردني خالد المجالي، في حديث مع "قدس برس" إنه "على الرغم مما يمتلكه جهاز الموساد من يدٍ طولى في العالم، إلا أنه اكتسب سمعة أكثر بكثير من حجمه الطبيعي".
وأكد المجالي، وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات الأردني، في حديثه لـ"قدس برس" أنّ "ضعف الأجهزة الأمنية العربية، أوجدت هذه الهالة الكبيرة لجهاز الموساد للقيام بعمليات الخطف والقتل الناجحة".
واستدرك بالقول "إنّ فشلًا متواليًا سُجّل ضد الموساد في الفترة الأخيرة، نتيجة فطنة بعض الأجهزة الأمنية لخطورته، وطبيعة المهمات التي يقوم بها داخل فلسطين وخارجها".
وتوقع المجالي أن يكون جهاز الموساد مخْتَرقًا، و"بالتالي تفشل عملياته كما حصل مؤخرًا في ماليزيا من خلال فشله في اختطاف وقتل فلسطينيين".
وبيَّن أنّ "فشل الموساد في عملياته؛ ليس فقط ما يتم الإعلان عنه، فهناك دولًا أوروبية تكتشف عمليات للجهاز الإسرائيلي على أراضيها، وتقوم بإفشالها، ولا تعلن عن ذلك، لتحافظ على علاقتها مع الاحتلال ضمن حسابات سياسية واقتصادية وأمنية".
وقال المجالي إنّ "الإعلان الدائم عن فشل الموساد في عملياته الاستخباراتية مؤخرًا، سوف تكون له تأثيرات سلبية على الجهاز وعلى الكيان الإسرائيلي بالعموم".
وأوضح أنّ "الصورة اليوم عن هذا الجهاز بدأت تتغير، بالنظر إلى الفشل في اغتيال القيادي في حماس خالد مشعل في عمَّان (1997)، ومن ثم اكتشاف مخطط اغتيال محمود المبحوح في دبي (2010)، وغيرها".
متوالية الفشل
وسجل "الموساد" سلسلة من الإخفاقات في عملياته، ولعل من أبرزها محاول الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها القيادي البارز في حركة حماس خالد مشعل، في العاصمة الأردنية عمان عام 1997.
وتمثلت أيضاً في اكتشاف شبكات التجسّس الإسرائيلية مطلع العام الجاري، والتي ضُبطت في لبنان وسوريا، ونشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية بعض التفاصيل عنها.
كما فشل "الموساد" في مصر عام 1954 وما سُمّي آنذاك "فضيحة لافون"، ولاحقاً "فضيحة عمود النور 1970".
وفي العام 1973 فشلت محاولة اغتيال القيادي الفلسطيني حسن سلامة في النرويج، فقُتِل، بدلاً منه، شاب مغربي يعمل نادلاً في مطعم، وأدّى الفشل إلى اعتقال ضابطة الموساد سيلفيا رفائيل.
ومؤخرًا أحبطت الاستخبارات التركية عملية استخباراتية إسرائيلية كبيرة على أراضيها، حين أعلنت القبض على 15 فلسطينيًّا جندهم "الموساد" في الأراضي التركية لجمع المعلومات عن نشطاء وسياسيين فلسطينيين، وعن خبراء أتراك في الصناعات الدفاعية التركية.
متوالية الفشل الإسرائيلية، برزت أيضاً في نيسان/أبريل عام 1991 حين ألقت السلطات القبرصية القبض على أربعة من عملاء الموساد (رجلين وامرأتين) في أثناء محاولتهم زرع أجهزة تنصّت في مبنى السفارة الإيرانية.
وكانت آخر مسلسلات الأخفاق تلك، ما تم الكشف عنه أمس الاثنين، من أن الأجهزة الأمنية الماليزية، أحبطت عملية اختطاف قام بها "الموساد"، واستهدفت ناشطا فلسطينيا في كوالالمبور، وقامت بتحريره، وإلقاء القبض على العملاء الذين تم تدريبهم في أحد العواصم الأوروبية.