فلسطين أون لاين

لقد علا الإسرائيليون في الأرض علوًّا كبيرًا

بعد أن ظنوا أنهم قد تمكنوا من أرض فلسطين، وأنهم أقاموا دولتهم رغم أنف ملايين العرب والمسلمين، لم يعد يحسب الإسرائيليون حسابًا لكثير من دول العالم، لقد استخفوا بجميع الشعوب، وحسبوا أنفسهم فوق مستوى البشر، وأن من حقهم صياغة العالم وفق أيديولوجيتهم، وأن من حقهم التدخل في الشؤون الداخلية لمعظم الدول، وأن من واجباتهم أن تكون لهم بصمة مؤثرة في معظم الملفات الساخنة على وجه الأرض، بما في ذلك ملفات السلاح النووي، والتجسس، والانقلابات العسكرية، والصناعات التكنولوجية، والصفقات المالية، وإشعال الحروب، بما في ذلك الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ويأتي هذا التدخل السافر في شؤون الدول استشعارًا بتميزهم، وأنهم أعلى منزلة من بقية البشر، وأنهم الصفوة وغيرهم الحثالة، حتى بلغ الغرور والغطرسة والكبر عند الصهاينة حد توفير الحراسات الخاصة للرحلات التحريضية، التي يقوم بها طلاب المدارس فوق  الأراضي البولندية.
بولندا دولة أوروبية ولها السيادة على أرض بولندا، وترفض أن تسمح لمسلحين غرباء بالسير فوق ترابها، وهم يحملون سلاحًا مخصصًا لحراسة اليهود فقط، هذا السلاح الذي يطوف مدن بولندا ينقص من سيادة الدولة، ويظهرها ضعيفة أمام شعبها، لذلك قررت الحكومة البولندية عدم السماح للوفود الإسرائيلية بالتحرك تحت حراسة إسرائيلية خاصة.
هذا القرار السيادي البولندي أثار حفيظة السفير الإسرائيلي في بولندا، فاتهم وارسوا بعدم السماح لرحلات طلابية من (إسرائيل) بزيارة مواقع المحرقة النازية في بولندا، ولم يُشِر السفير إلى السلاح الذي يرافق الرحلات الطلابية، وهذا ما أثار حفيظة بولندا، التي استدعت السفير الإسرائيلي، واتهمت السفير بتضليل العامة بشأن سبب عدم تنظيم الرحلات.
إن مرافقة وحدات الحراسة الإسرائيلية للرحلات الطلابية في بولندا لا يعكس الاستخفاف بالبلد، والاستهانة بأهلها، وعدم الثقة بأمنها، وإنما يعكس الإحساس الإسرائيلي بالتمايز عن بقية البشر، وأن روح اليهودي أغلى من أرواح البشر، وأن من حق الإسرائيلي أن ينتهك حرمات الدول، دون أن يعترض عليه أحد، وهذا الشعور بالقوة والعظمة والكبر، هو الذي أغضب السفير الإسرائيلي لمجرد اعتراض دولة بولندا على وجود سلاح غير شرعي فوق ترابها.
العلاقات الإسرائيلية البولندية لم تعد إلى طبيعتها إلا قبل عدة أشهر، فقد تدهورت العلاقة بين البلدين، بعد أن أصدرت وارسو قانونًا يحد من قدرة اليهود على استعادة ممتلكاتهم التي فقدوها إبان الحرب العالمية الثانية، هذا القانون السيادي الذي حظي بأغلبية برلمانية ساحقة لم يعجب اليهود، الذين تعودوا امتصاص خيرات الشعوب، والإساءة لها، لتأتي زيارة 40 ألف طالب يهودي لبولندا كل عام، متممة لطقوس الكراهية التي يبذرها اليهود على أرض بولندا، ويحشون بها أدمغة الطلاب العائدين بأطنان الحقد على كل البشر.
أربعون ألف طالب يهودي، يطوفون في كل عام حول المحرقة كما يزعمون، ويقرؤون تاريخ أوروبا بلغتهم العبرية، ويعبئون صدورهم بالأحقاد على البشرية، وتسخيف معتقداتها، خدمة لسياسة صهيونية؛ لا ترى الحق إلا من خلال أيديولوجيتها العدوانية.