انتهت لقاءات المكونات الفلسطينية في الجزائر بتوقيع اتفاق مشترك يلبي جلّ الاحتياجات الوطنية العامة على مستوى النظرية على أقل تقدير. الاتفاق تحدث عن المشترك النظري لإنهاء الانقسام، وإحداث المصالحة، وتوحيد الصف الفلسطيني، في مواجهة الاحتلال. ومن هذا المشترك العمل من أجل الوحدة الوطنية، واعتماد لغة الحوار، ونبذ لغة التخوين، والذهاب لانتخابات فلسطينية شاملة، وتعزيز دور مجلس الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وتوحيد العمل الحكومي في غزة والضفة، وتمثيل الكل الفلسطيني في منظمة التحرير ووصفها بالممثل الوحيد للفلسطينيين، وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، مع استعداد الجزائر لاستضافة أعماله، وتشكيل لجنة عربية فيها الجزائر لمتابعة التنفيذ.
لم يختلف الفرقاء في البنود التسعة التي تضمنتها ورقة الاتفاق، وكل القضايا الخلافية التي تمنع التوقيع تمّ القفز عنها. فقد تمّ القفز عن قضية تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم قرارات الشرعية الدولية، وتمّ القفز عن قضايا أخرى ذات علاقة بمقاومة المحتل، وأخرى ذات علاقة بآليات التنفيذ. عمليات القفز المتعددة الجوانب ساعدت على إبرام الاتفاق والتوقيع عليه، ومن ثمة يمكن للجزائر أن تحمل ورقة الاتفاق إلى القمة العربية، وتتقدم بها لطلب مساعدة عربية لإنجاح الاتفاق.
نجاح الاتفاق ليس في توقيع نصوص نظرية تمثل إطارا عاما مشتركا للمكونات الفلسطينية، ولكن نجاح الاتفاق يرتبط بعملية التنفيذ من ناحية، وبالاتفاق على التفاصيل من ناحية أخرى، وعادة ما كانت تتراجع مشاعر التفاؤل لدى الشعب عند التنفيذ، وعند مقاربة التفاصيل، ومن ثمة أعرب بعض المحللين أن الاتفاق غير مكتمل لأن آليات التنفيذ غائبة، وجل التفاصيل هي موضع لنزغ الشيطان، ولا تكاد تجد في الاتفاق تواريخ محددة.
خلاصة ما أقوله: إننا أمام اتفاق عام جيد نظريا، ولكنه يحتاج لاستكمال، والاستكمال يحتاج قدرا وطنيا كبيرا من التسامح، ومن إخلاص النية للمصالحة ولتوحيد الصف، والعمل الوطني المشترك. فهل المكونات الفلسطينية جاهزة لاستكمال الاتفاق؟