فلسطين أون لاين

تقرير التقاعد بداية جديدة.. قوارير الورد الحجرية تشغل وقت "نعمات"

...
قوارير حجرية من مشغولات المتقاعد نعمات صالح
سلفيت/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

لم تستطع المعلمة المتقاعدة نعمات صالح من قرية كفل حارس الركون للراحة بعد مسيرة طويلة في مجال التدريس، فهي لم تعتدْ يومًا الخمول والجلوس بلا عمل حتى إنها لم تكن تستنفد إجازاتها السنوية، فكيف لها أن تجلس بعد التقاعد دون أن تُشغل وقتها بشيء مفيد؟!

فـ"نعمات" حتى في عز انشغالها بوظيفتها التي تدرجت فيها من مُدرسة فمديرة مدرسة ثم ترقت في المناصب الإدارية داخل أروقة مديرية التربية والتعليم في سلفيت وصولًا لمدير دائرة، كانت تولي اهتمامًا للأرض خاصة حديقتها المنزلية، فتحرص على زراعة الورود وتقتني القوارير المختلفة لذلك.

وبمجرد تقاعدها وفي أثناء اعتنائها بأرضها خطرت لبالها فكرة صناعة قوارير الورد من الحجر ذاتيًّا، فأخذت بالبحث عبر الإنترنت عن طرق لصناعتها، لكنّ البحث وحده لم يكن كافيًا للنجاح دون العديد من التجارب الفاشلة. 

هذا الفشل دفع "نعمات" للإصرار على النجاح مهما كانت الصعوبات ورغم أنّ أبناءها طلبوا منها التوقف عن هذا المشروع المتعب خوفًا على صحتها، وعرضوا عليها شراء كل القوارير التي تريدها من السوق على نفقتهم الشخصية.

قوارير حجرية (1).jpeg
 

صممت "نعمات" على المضي في مشروعها، وكان لها ما أرادت، فبعد عدة محاولات نجحت في إتمام ما أرادت، "بدايةَ قمتُ بتغيير قوارير الورد الموجودة في حديقتي الشخصية (150 قوارًا) وتوحيدها حيث كانت ذات أشكال مختلفة ومصنوعة من مواد مختلفة".

لاقى العمل إعجاب المحيطين بها من العائلة ومعارفها السابقين في سلك التعليم فباتوا يطلبون صناعة قوارير مماثلة يشترونها بالسعر الذي تحدده لبيوتهم أو كهدايا، "فأصبح صنع قوارير الورد من هواية لمشروع خاص بي أعمل على تطويره".

مشروع جميل

تتعاون "نعمات" حاليًّا مع بعض المشاتل القريبة من منطقة سكناها لعرض منتجاتها من القوارير الحجرية، "فهو مشروع ممتع أشعر بأنني أنجز شيئًا جميلًا، يشغل وقتي، فأنا أكره أن يكون لدي وقت فراغ".

ولصناعة القوار تختار "نعمات" قوارًا بلاستيكيًّا تلفُّه بكيس من البلاستيك، حتى لا يجف الأسمنت عليه ويصعب فيما بعد فصل القوار الحجري عنه، ثم تخلط الأسمنت والرمل وتصنع منه قاعًا للقوار، وتثقب القوار من وسطه حتى يخرج الماء الزائد عن حاجةِ الري من خلاله.

قوارير حجرية (3).jpg
 

تبدأ "نعمات" برص الحجارة لتشكيل الهيكل، وتدهن تلك الحجارة من الخارج بالأسمنت المعجون بالرمل والماء وتترك القوار ما بين 12 إلى 24 ساعة ليجف، وبعد جفافه تخرج الإناء البلاستيكي الذي وضعته بالداخل وتقوم بتغطية كل الثقوب الداخلية بطبقة من الأسمنت حتى لا يتسرب الماء باستثناء الثقب الذي في قاعه.

وتستخدم "نعمات" الحجر الأحمر في صناعة قواريرها ولا تعمل على طلائها حيث تفضل احتفاظها بلون الحجر البني المائل إلى الحمرة الطينية، ليعطي مظهرًا قريبًا للون الأرض، وشيئًا فشيئًا تُوسّع السيدة الستينية من صناعتها للقوارير حتى نجحت في صناعة أحواض للزراعة من الحجر مكونة من ثلاث طبقات، وتعكف حاليًّا على صناعة نافورة من الحجارة.

وتتمنى "نعمات" أن تنجح في توسيع نطاق مشروعها حتى لا يعود مقتصرًا على قريتها "كفل حارس" بل إلى عموم محافظة سلفيت، مؤكدة أنّ العمر لا يقاس بالسنوات بل بالإنجاز وأنّ التقاعد من الوظيفة ليس نهاية الطريق بل يمكن أن يكون بداية جميلة لأعمال أخرى.