هل فشل اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان ودولة الاحتلال برعاية أمريكا، أم نحن أمام معركة عض أصابع بينهما، حيث يحاول كل طرف تحسين شروط الاتفاق بما يحفظ مصالحه، قبل أيام كان التفاؤل كبيرًا بتوقيع الاتفاق قبل الانتخابات الإسرائيلية، ولكن ثم تراجع في هذا التفاؤل لأن الطرف المحتل لفلسطين يرفض بعض الملاحظات اللبنانية ذات الصلة بحقوقه.
الطرف المحتل يريد اتفاقًا تحت تهديد السلاح والقوة، ولبنان ليس لديه فائض مصالح ليتنازل عن بعضها، وفي الوقت نفسه تتلقى حكومته دعمًا من حزب الله، الذي يهدد بضرب منصات غاز حقل كاريش ومنع استخراج الغاز منه، إذا لم تستجِب دولة الاحتلال لمطالب لبنان.
التهديدات المتبادلة تحكي أنه ثم اتفاق تُنسج خيوطه بإبر نار الحرب، فالمسألة جدية لا هزل فيها، لبنان بلد فقير يريد مصالحه الاقتصادية، ودولة الاحتلال دولة عسكر وحرب وبهما تعيش، وهي تعلم أنها دولة احتلال وغصب وهذا مناط ضعفها، ولا تستطيع أن تخضع لبنان لها مهما ذهبت بعيدًا في تهديداتها.
ما يجري الآن في وسائل الإعلام حيث يتناوب لبيد، وغانتس، تهديد لبنان، بينما هما يقعان تحت ضغط انتقادات نتنياهو للاتفاق، في معركة صراع انتخابي بين الطرفين. وعليه أُرجّح أننا أمام معركة عض أصابع بين الطرفين.
ليست الأطراف أمام فشل وتراجع كبيرين، والعكس هو الصحيح، وفي نهاية المطاف يمكن للبنان أن ينتصر في معركته، وأن يحقق مصالحه إذا ما تحلت قياداته بالجرأة والشجاعة، وكلنا يعلم أن الحقوق من دولة الاحتلال تنتزع انتزاعًا، وإذا كان المفاوض الفلسطيني قد فشل في انتزاع حقوقنا منه، فيجدر بلبنان ألّا يقع في خطأ المفاوض الفلسطيني الذي دخل المفاوضات بدون أوراق قوة، ولبنان يملك أوراق قوة تساعده على فرض شروطه.