بينما تحث دولة الاحتلال والاتحاد الأوروبي الخطى لتوقيع الاتفاق الثقافي والأكاديمي، شهدت الساحة الإسرائيلية خلافات متصاعدة بشأنه بسبب عدم شموله المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين، وفيما اعترض بعض الوزراء على الانضمام للاتفاق، فإن تحذيرات إسرائيلية تصاعدت من أنه إذا أُلغي التوقيع في اللحظة الأخيرة، فسيلحق الضرر بصورة دولة الاحتلال، وقدرتها على تعزيز الاتفاقيات مع الاتحاد في المستقبل.
تجدر الإشارة أنه كان يفترض أن توافق الحكومة على الاتفاق الأسبوع الماضي، لكن معارضة داخلها بدأت تتصاعد، وتهدد باستخدام حق النقض بسبب بند في الاتفاق يستثني مستوطنات الضفة الغربية، رغم أن الانضمام لذلك الاتفاق سيمنح صانعي الأفلام الإسرائيليين في مجالات السينما والأدب والفن إمكانية الحصول على منح أوروبية بمئات ملايين اليوروهات.
في الوقت ذاته، بعث السفير الإسرائيلي لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي حاييم ريغيف برقية لوزارة الخارجية يبلغها أن مجلس مفوضي الاتحاد الأوروبي وافق على الاتفاقية الثقافية مع (إسرائيل)، وهو بانتظار التوقيع الإسرائيلي، وتضمنت الخطة أن تعلن الموافقة على الاتفاق خلال القمة الإسرائيلية - الأوروبية المعروفة باسم "مجلس الشراكة"، التي اجتمعت الاثنين الماضي لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث لم تنعقد القمة بسبب الخلافات حول القضية الفلسطينية.
مع العلم أن منظمات يمينية إسرائيلية بدأت حملة ضد موافقة الحكومة على الاتفاقية لأنها تتضمن بندًا يستثني المستوطنات في الضفة الغربية، ونشرت صحافتها المرتبطة باللوبي الاستيطاني مقالات حول الموضوع، وبعد نشرها اتصل مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بالسفير الإسرائيلي، وأعربوا عن قلقهم من عدم الموافقة على الاتفاق، وعلى هذه الخلفية أرسل ريغيف برقيته للتحذير من التبعات السلبية لإلغاء الاتفاقية.
الغريب أن العناصر اليمينية في الحكومة الإسرائيلية المعترضة على الاتفاقية الثقافية مع الاتحاد الأوروبي سبق لها أن وافقت على اتفاقيات سابقة تضمنت ذات البند الخاص بالمستوطنات، ومنها اتفاقية البحث والتطوير الذي تمت الموافقة عليه في عهد حكومة نتنياهو، مما سيجعل من تأخير الموافقة على الاتفاقية الحالية مصدر ضرر بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وتعرضها للخطر في المستقبل.
يخشى الإسرائيليون في حال تم تأخير أو إلغاء الاتفاقية أن تفقد دولة الاحتلال خصمًا قدره 20 مليون شيكل حصلت عليه من الاتحاد الأوروبي كجزء من حل وسط بخصوص الأموال التي تحتاجها لاستثمارها كجزء من الاتفاقية، وسيبدو صعبًا رؤية الاتحاد الأوروبي يدخل مرة أخرى في مفاوضات حول اتفاقية ثقافية مع الاحتلال بعد هذا السلوك الغريب.
من الواضح أن الجناح "الأكثر" يمينية في الحكومة اليمينية الحالية يسعى لإلغاء الاتفاقية لتحسين صورته في أوساط المستوطنين، وتحصيل مزيد من أصواتهم، فيما يسعى لابيد لتحسين موقفه مع الاتحاد الأوروبي، ويظهر أمامهم البديل المناسب والمفضل عن نتنياهو.