ترنو عيناك بشغف لتلك الحياة السعيدة التي ستعيشينها في ظل رجل متفهم, محب, عميق النظرة والتعبير، ولا تنتبهي لمرور أيام خطوبتك طالت أم قصرت دون استغلالها في عرض أفكارك, مشاعرك, أحلامك, نقاط ضعفك ومواطن حزنك, لتستيقظي في القفص الذهبي وتجدين نفسك بعيدة عن الفارس الذي ظننت أنه سيختطفك إلى عالم تغرقك فيه السعادة والاهتمام، وتشعرين بالصدمة من تحوله بعد الزواج إلى رجل غير مبال ولا مهتم بمشاعرك وإسعادك، وهنا عليّ أن أوقفك قائلة: عزيزتي الزوجة أنت مخطئة إن اعتقدت أن الرجل الذي ارتبطت به سيفهمك دون أن تعبري عن نفسك وسيعاملك بالطريقة التي رسمتيها "في خيالك" دون الإفصاح عنها وشرحها بالتفصيل الممل، والتأكيد على كل ما تحبين أن يكون في زوجك المستقبلي، وتسليط الضوء على ما يزعجك ويحزنك عظيما كان أو تافها مرارا وتكرارا دون أن تشعري بالضجر أو اليأس لأنك بذلك تصنعين دليلا لحسن التعامل معك كونك فردا له فكره ومشاعره الخاصة, نقاط ضعفه ومواطن استحسانه, لزوجك الذي يجهل كيفية التعامل معك.
أتفق معك أن الرجل يبدو متفهما محبا في معظم الحالات أثناء فترة الخطوبة محاولا بكل الطرق كسب ود خطيبته مجربا كل نصائح من حوله, وقد ينجح بشكل تام في كسب ود وقلب خطيبته, كون الأنثى تميل إلى من يدللها ويهتم بها, لكنه سرعان ما يبدأ بعد الزواج بفترة وجيزة في ممارسة سلوكيات نابعة من النماذج التي عايشها وتأثر بها أثناء مراحل حياته المختلفة للتعامل مع المرأة.
محظوظة أنت إن ارتبطت برجل صورته الذهنية عن الزوج تلك الصورة التي تعكس الزوج المحب المتفهم المخلص الذي يراعي المشاعر والتقلبات المزاجية، ويحضر الهدايا ويتغاضى عن التقصير. واعلمي أنها ليست مميزات لديه, إنما هي أفعال ليست مقصودة نتجت عن الصور الذهنية لديه.
أما أنتِ يا من ارتبطت برجل صوره الذهنية عن الزوج غير واضحة مما يجعل سلوكه معك غير مقبول أو مرغوب فلا تفقدي الأمل فالمثل الشهير الذي يقول "زوجك على ما عودتيه"، لم يأت من فراغ بل جاء من عمق تجارب النساء, فقد اهتدت المرأة بفطرتها إلى نظرية يؤكدها العلم الحديث، حيث تؤكد النظرية أن الإنسان تطغى عاداته على أفعاله المقصودة الموجهة وهنا يأتي دورك عزيزتي الزوجة في صناعة العادة.. عوديه!
وتذكري أن العلم أثبت وجود صراع داخل دماغ كل منا بين العادة والأفعال المقصودة التي تخالف العادات, فقد قامت كريستينا غريميل أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة كاليفورنيا بدراسة تقدم أقوى دليل حتى الآن على أن كل من الدوائر الدماغية الخاصة بأفعال العادات وتلك الدوائر الخاصة بالعمل الموجه والمقصود تتنافس من أجل السيطرة في منطقة القشرة الأمامية المدارية للمخ، وهي المنطقة الخاصة بعمليات صنع القرار في الدماغ. والفكرة هنا أنه توجد مواد كيماوية عصبية في الدماغ تسمى "إندوكانابينويدئ" (endocannabinoid ) هذه المواد تسمح للدوائر الخاصة بالعادات بالتفوق وتولي القيادة عبر آلية معينة تعمل على كبح جماح الأفعال الخاصة بالأعمال الموجهة.
إن نتائج هذه الدراسة تفسر لك عزيزتي الزوجة الصراع في دماغ زوجك أمام التصرفات المقصودة التي يود أن يقوم بها ليرضيك وتلك التي تطغى عليها بحكم العادات التي ترعرع معها وعليها, فلا تيأسي إن نبهت زوجك للقيام بأفعال تسعدك وتجاهل القيام بها لأنه ببساطة يتصرف لا شعوريا بفعل مواد تفرز في دماغه لا يعلم عن دورها شيئًا، وتذكري أنه لا يقصد تجاهلك أو إهمالك، وعليكِ أن تكرري التنبيه بطرق لطيفة وتصري على أن تصنعي العادة والفعل المقصود الذي تريدين لديه، وكوني صبورة وكذلك نموذجا عند صناعة هذه العادة، فطبقي معه كل ما تودين أن يعتاد عليه؛ لتصنعي حياة مرضية للطرفين دون أنانية.
دمتِ بخير