فلسطين أون لاين

تقرير "النبي صموئيل".. قرية مقدسية حوّلتها "العُزلة" الإسرائيلية إلى سجن

...
قرية النبي صموئيل المقدسية ويظهر على قمته المسجد
القدس المحتلة/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

سجنٌ كبير هو التوصيف الدقيق لواقع الحياة الذي يعيشه أهالي قرية النبي صموئيل شمال غرب مدينة القدس المحتلة، إذ يفقدون مقومات الحياة الكريمة، فلا يخرجون ولا يدخلون إلا وفق إجراءات محددة إسرائيليًّا.

يسكن القرية 300 فلسطيني معزولين عن القدس وعن بقية مناطق الضّفة الغربيّة بجدار الفصل العنصري الذي يطوّق القرية بمستوطنة رامات ألون والحديقة "القومية" المجاورة.

ورغم وقوعها في محيط القدس المحتلة فإن أهلها يحملون هويات الضفة الغربية، وفي الوقت ذاته يحرمهم الاحتلال دخولَ مدن الضفة بما فيها القدس، وفق المواطن بهاء بركات لـ"فلسطين".

ويوضح أن أهل القرية يعانون حالةً من العزلة بسبب حاجز للاحتلال يفصل بينهم وبين الوصول إلى الضفة الغربية، فلا يدخلها السكان ولا يخرجون منها إلا عبر أرقام هوياتهم المسجلة على الحاجز والمرتبطة بأرقام بيوتهم.

يقول بركات: "لا يمكن التحرُّك عبر الحاجز سوى بتنسيق مسبق بين الارتباط الفلسطيني والإسرائيلي، وقد يحصل الشخص على الموافقة وقد لا يحصل، "حتى السلع الأساسية كالبيض والسكر والدقيق فقد يتم منع إدخالها".

وفي المناسبات كذلك، لا يتمكن أحدٌ من سكان المناطق المجاورة لـ"النبي صموئيل" من الدخول إلا بتنسيق مسبق، مما يجعلهم يُحجمون عن مصاهرة أهل القرية لصعوبة التنقل منها وإليها.

يشرح بركات الوضع قائلًا: "عند الحاجز يقف مسؤولو المجلس البلدي ساعات طويلة للسماح للمعزين بالدخول للقرية، وقد ينجحون في ذلك أو يبوؤن بالفشل، ويتم أحيانًا عرقلة سيارات الإسعاف، التي تحمل جثث الموتى".

تعقيدات وتأخير

تبعد "النبي صموئيل" عن مركز المدينة حوالي سبعة كيلومترات، ويحدها من الشرق بيت حنينا وأراضي بيرنبالا، ومن الشمال قرية الجيب، ومن الغرب أراضي قرية بيت اكسا، ومن الجنوب قرية بيت اكسا، مبنية على قمة جبل يرتفع 885 م عن مستوى سطح البحر وهي بذلك تُصنَّف من أعلى قمم القدس والكاشفة محيطها.

اقرأ أيضا: بين الانتهاكات والتهميش.. "النبي صموئيل" سجن كبير مهدد بالتهويد

غير أن الحياة اليومية في القرية تشهد تعقيدات، لا تنتهي بتأخر وصول الطلبة إلى المدارس والعمال إلى أشغالهم خارج القرية، "معاناة بكل ما تعنيه الكلمة من قساوة نعيشها يوميًّا بفعل الاحتلال، والتي أثّرت سلبيًّا على علاقاتنا الاجتماعية وجعلتنا في عزلة عن محيطنا"، وفق بركات.

وتعود معاناة القرية لتصنيف سلطات الاحتلال المنطقة "حديقة قومية" ما زاد من الضغط على السكان، حيث يُمنعون من البناء أو التوسيع أو تطوير الأبنية القائمة حتى لو غرفة واحدة أو معرش للحيوانات، يوضح بركات.

ويقول بركات: "وفيما يخص تعبيد الطرق، ناضلنا سنوات طويلة لتعبيد الطريق الرئيس للقرية ولتوسعة المدرسة الخاصة بها لتشمل الصف الخامس الأساسي، ورغم ذلك فإن الحياة التعليمية تمر بصعوبات كبيرة، حيث يضيّق الاحتلال على المدرّسين الذين يأتون من خارج القرية".

ويلفت إلى افتقار "النبي صموئيل" إلى أي مركز طبي دائم، إذ تأتيه فرق طبية متنقلة مؤقتة من خارج القرية، كما لم يسلم مسجد القرية من اعتداءات المستوطنين الذين صادروا أكثر من نصفه وحولوه إلى "كنيس يهودي"، يؤدون فيه صلواتهم التلمودية، فيما يمنعون الفلسطينيين من ترميم واستخدام النصف الآخر".

تقديس استيطاني

وتضم القرية منطقة أثرية عملت سلطات الاحتلال على تهويدها وتزييف تاريخ الآثار الموجودة فيها، وجعلها مزارًا للمستوطنين الذين لا يفارقون القرية ويعتدون على المواطنين خاصة في عيدهم المسمى "عيد النبي صموئيل" الذي يُمنع خلاله المواطنون من الصلاة ورفع الأذان.

وبحسب المصادر، يقول بعض المؤرخين: إن القرية تقوم على موقع بلدة "مصفاة، أي برج النواطير" الكنعانية.

ولجأ أهالي القرية مؤخرًا إلى مظاهرات سلمية يطالبون فيها بالسماح لهم بالبناء وتسهيل حركتهم من وإلى القرية لكنهم جوبهوا باعتداء المستوطنين عليهم في أثناء تظاهرهم، في ظل صمت تام لجيش الاحتلال "الذي كانت مهمته فقط الدفاع عن المستوطنين ومنعنا من الاحتكاك بهم وغض الطرف عن اعتدائهم علينا".

أساسيات الحياة مفقودة

من جانبها، تقول الناشطة نوال بركات، رئيسة جمعية نسوية النبي صموئيل، وإحدى سكان القرية: "كل ما نطالب به هو الحياة الكريمة في ظل تحريض كبار المستوطنين كابن غفير الذي جمع قبيل فترة وجيزة قرابة 500 مستوطن واعتدوا علينا في القرية".

وتشير إلى أن سلطات الاحتلال تحرم مواطني القرية من "غاز الطهي" و"البيض" حيث يُضطرون لتهريبه، "فهم يمنعون إدخاله من الضفة الغربية ويطلبون منا أن نحضره من القدس المحتلة التي نحن ممنوعون من دخولها كوننا نحمل الهوية الفلسطينية".

ويخوض المواطنون مغامرات غير مأمونة العواقب لتهريب غاز الطهي والبيض وغيرها من المواد الأساسية التي إذا ضُبطت على الحاجز فقد تُصادَر.

وحتى "عين الماء التاريخية" في القرية، تذكر الناشطة بركات أن المزارعين يحرمون الانتفاع بمائها، في حين يأتي المستوطنون من أرجاء الضفة الغربية كافة للاستجمام بتلك المياه بادعاء أنها "مقدسة".

وتلفت إلى صعوبات التواصل التي يواجهها مواطنو القرية إذ لا تتوفر مواصلات إلى القرى المحيطة، فيتعاقدوا مع "باصات" لنقل طلاب المدارس بعد اجتيازهم الحاجز العسكري المنصوب على القرية للوصول إلى مدارسهم في قرى "بير نبالا" و"الجت".

ومن وقت لآخر تدهم قوات الاحتلال القرية ليلًا وتعمل على إحصاء السكان والبيوت تحسُّبًا لأي تعديل من أي مواطن على منزله، "ومن يُجري تعديلًا يُعاقَب، وكلها إجراءات تطهير عرقي يُراد منها أن نترك القرية نهبًا للاستيطان"، كما تؤكد بركات.

ويشدد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على قرية النبي صموئيل الواقعة شمالي غرب القدس المحتلة في مسعى لتهويدها، مانعًا الحركة والبناء وإدخال كميات من المواد الغذائية إلى أهلها.