فلسطين أون لاين

​مماطلة السلطة في إصدار التحويلات الطبية.. وسيلة قتل بسلاح جديد

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

ضاقت بالسيدة الستينية "أم حسن" جميع السبل ولم يبق أمامها إلا انتظار الموت، ليس بواسطة الأسلحة التقليدية، بل من مماطلة سلطة رام الله في إصدار التحويلات العلاجية اللازمة لها.

ودخلت "أم حسن" في دوامة لا منتهية من الإجراءات وطلبات التحويل التي زادت من معاناتها النفسية والجسدية جراء إصابتها منذ قرابة الثلاثة الأعوام بداء "السرطان" في منطقة الغدة الدرقية، الأمر الذي استدعى تحويلها فورا للمستشفيات الخارجية للحصول على العلاج المفقود في مستشفيات قطاع غزة.

وتبدأ دوامة الإجراءات بتقديم طلب الحصول على التحويلة إلى دائرة العلاج في الخارج وخضوعه لأيام وأسابيع للفحص ومراجعة الحالة المرضية، قبل أن ينتقل الطلب إلى الاحتلال الإسرائيلي وهناك تبدأ دوامة أخرى من الإجراءات التعسفية التي تزيد من تدهور الحالة المرضية.

وتعلق "أم حسن" على ما سبق "بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، صيف عام 2014 بدأت بعض علامات الانتفاخ تظهر في منطقة الرقبة مع إرهاق شديد، فلجأت إلى إجراءات الفحوصات المطلوبة في غزة، إلا أن بعضها كان يستلزم نقل العينة إلى الخارج للتأكد من بعض الشكوك ولكن ذلك لم يحدث بسبب إغلاق المعابر وتشديد الحصار".

وتزيد أم حسن لصحيفة "فلسطين": "استغرق إصدار التصريح الأول قرابة الستة أشهر وكانت جميع التكاليف العلاجية على نفقتي الخاصة، أما التصريح الثاني فبقيت قرابة الأربعة أشهر أنتظر الرد على الخروج من معبر بيت حانون ثم انتظرت أشهرا أخرى للموافقة الأمنية للسيدة المرافقة لي في العلاج".

وتعد حالة "أم حسن" واحدة من بين عشرات الحالات المصابة بأمراض مزمنة داخل القطاع المحاصر إسرائيليا منذ ما يزيد على العشر سنوات، إلا أن إجراءات سفرهم تصطدم بجملة من القيود التي تزيدهم كربا على كرب.

إجراءات تعسفية

المواطن "مصطفى" لم يكن أحسن حالا من ظروف "أم حسن"، فبعدما اكتشف بمطلع شهر أبريل/ نيسان توغل السرطان في كرات الدم البيضاء داخل جسده الهزيل، حاول بمختلف السبل الحصول على تحويل للعلاج داخل (إسرائيل) للبدء بأخذ الجرعات الكيميائية المطلوبة لمكافحة الانتشار، ولكن جميع المحاولات اصطدمت بإجراءات غير مبررة من وزارة الشؤون المدنية في رام الله.

ويصف "مصطفى" إجراءات السلطة بأنها "تعسفية" تهدف لتحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناة الناس وأوضاعهم المعيشية المتردية، ويزيد قائلا: "ما زلت أنتظر خروج التحويلة، فكلما تواصلت مع الدائرة المختصة أخبروني أن الطلب ما زال تحت الفحص (..) أتوقع أن تأتي الاستجابة بعد وفاتي!".

أما "أبو جميل" (41 عاما) فيتحامل على نفسه للخروج من بيته على الحدود الشرقية لقطاع غزة يوما بعد آخر قاصدا مقر وزارة الشؤون المدنية وسط المدينة، للاستعلام عن موعد خروج التحويلة الجديدة اللازمة لاستكمال رحلة علاج طفلته الصغرى المصابة بمشاكل حادة في القلب والجهاز التنفسي.

ويقول "أبو جميل" إنه يشعر منذ قرابة الشهرين بتقصير متعمد من الجهات المتخصصة في إصدار تصريحات التحويل إلى مستشفيات الداخل المحتل أو الضفة الغربية، مشيرا أنه حاول عدة مرات الخروج إلى مصر إلا أن إغلاق معبر رفح البري حال دون ذلك.

وعبر عن خشيته الشديدة من تدهور الظروف الصحية لطفلته في حال استمرت مماطلة دائرة العلاج في الخارج في إصدار التحويلات الطبية للمرضى وتحديدا الأطفال منهم، مناشدا جميع الجهات المعنية لفصل القضايا الإنسانية عن المشاكل السياسية. وكانت وزارة الصحة في غزة حذّرت من ارتفاع أعداد المتوفين من المرضى والأطفال جراء وقف السلطة الفلسطينية في رام الله إصدار التحويلات العلاجية لمرضى القطاع إلى المستشفيات الخارجية سواء في الضفة الغربية أو الداخل المحتل.

ووجهت الوزارة مناشدات للمعنيين كافة؛ لضرورة توفير التحويلات الطبية العاجلة للمرضى، قبل فقدانهم، وتوفير العلاجات اللازمة لمرضى السرطان وغيره من الأمراض المزمنة.