فلسطين أون لاين

تقرير "السماق".. مطيب غذائي يُزهر في جبال الضفة الغربية

...
شجرة السماق وثمارها
رام الله-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

كلما اشتدت حرارة الصيف تزدهر ثمار أشجار السماق البري الذي يكسو عدداً كبيراً من جبال الضفة الغربية. ينطلق المزارعون لقطفه وهم يتصببون عرقاً غير مبالين بأشواكه، إذ يدركون أن بين أيديهم صنفًا بالغ الأهمية على المائدة الفلسطينية.

يقول المزارع فريد حماد من قرية سلواد قضاء رام الله، إن قريته تشتهر بحزامٍ من السماق البري تشكل أشجاره غابة صغيرة، مشيرًا إلى أن كل محاولات زراعته في فلسطين باءت بالفشل.

ويبين أن المزارعين يقطفون السماق في شهريْ أغسطس وسبتمبر، وكلما كان الجو أكثر حرارة يكون نضج ثمار السماق أسرع، فيما يجب أن يكون قطفه قبل نزول المطر حتى لا يتلف ويتغير طعمه، فنبات السماق لا يحتاج إلى الماء إطلاقاً.

ويتواجد السماق –وفق حماد- في مناطق قليلة في فلسطين، ففي قضاء رام الله ينبت السماق في سلواد والمزرعة الشرقية وعين يبرود، بينما لا ينمو في قرى أخرى.

والطريقة الوحيدة لتكاثر السماق، هو تساقط البذور من السماق في المكان الذي يوجد فيه فتنبت أشجار سماق أخرى مشكلة غابة صغيرة، كما يصف.

منتج عزيز

وتستهلك عملية قطاف السماق وقتاً وجهداً، "فلا يمكن للمزارع أن يقطف أكثر من أربعة كيلو جرامات يومياً بسبب شدة الحرارة، كما أن كمياته قليلة فـ"سلواد كاملة لا تُنتج أكثر من 2500 كيلو في الموسم".

ويضيف حماد: "بعد قطف السماق يوضع تحت أشعة الشمس لمدة أسبوعين لكي تتبخر الرطوبة منه، لذلك بعض المزارعين لا يجدونه غير مجدٍ اقتصادياً".

ويشير حماد إلى أن ثمن كيلو السماق البلدي يتراوح بين (80-100) شيقل بينما كيلو السماق التجاري (20-25) شيكلًا، "وهما يختلفان عن بعضهما في الطعم والجودة، فتحتاج ربة المنزل لملعقة صغيرة من السماق البلدي بينما قد تحتاج للصنف ذاته لملعقتين كبيرتين من المنتج التجاري، كما أن طعم السماق البلدي أفضل".

ويشرح بالقول: "فالسماق التجاري يضاف له مواد لزيادة وزنه كالملح والدقيق، فيكون الكيلو عبارة عن أوقية سماق طبيعي مضاف إليها ثلاث أوقيات مواد إضافية، فالسماق التجاري لون أكثر من الطعم".

ولذلك يُنصح المواطن العادي بشراء "السماق" من أماكن موثوقة، وإذا لاحظ وجود مواد بيضاء في السماق، أو تحول لكتل بعد فترة من تخزينه في المنزل أو تكون داخل المرطبان بخار ماء أو يكون بداخله أجزاء قاسية (بذور السماق) يكون سماقاً تجارياً، وفق حماد.

وبعد قطف السماق يترك لفترة حتى يجف ويجهز للطحن بواسطة "الكربال" حتى تنفصل الحبوب عن القطف، "ولكن الأفضل حالياً طحنه في المطاحن من أجل الاحتفاظ بكمية أكبر من السماق"، كما يوضح حماد.

تأثير الزحف العمراني

أما لطفي الخراز الذي يمتلك مطحنة في سلواد ويشتري "السماق" من قاطفيْه في موسمه من قريته والقرى المجاورة ويبيعه مطحوناً للزبائن، فيبدأ بشراء السماق من شهر يوليو حتى نهاية شهر سبتمبر قبل "شتوية الزيتون".

ويختلف لون السماق حسب درجة تعرضه للحرارة –كما يبين الخراز- كما يختلف سعره مطحوناً بدرجة نقائه، "فنحن لا نطحن البزر معه، ولا نضيف له أي مواد أخرى".

ويمكن الاحتفاظ بالسماق لمدة عامين كاملين بعيداً عن الرطوبة، مشيراً إلى أن قطفه متعب ويمر بعدة مراحل، "وقد قلت كميات السماق بسبب التمدد العمراني، ما يضطرنا كأصحاب مطاحن للاستيراد".

ويوضح بالقول: "حالياً نحصل من المناطق المحلية على قرابة ستة أطنان بينما أستورد قرابة ستين طناً من تركيا وسوريا لتلبية حاجة السوق المحلي".

وتشبه قطوف أشجار السماق البرية، عناقيد العنب، وتكون زاهية اللون، ذات طعم ورائحة مميزة، وتبدأ علامة نضوج السماق بتشكل ثماره بعد إزهارها في نهاية شهر أبريل، ثم تتحول إلى عناقيد خضراء، حتى تنضج وتكتسب لونًا بنيا في نهاية شهر سبتمبر، حيث تظهر رؤوس سوداء في حباته، وهو على شكل قطف مع دبغه باللون الأحمر الخاص.

استخدامات وفوائد

وللسماق استخدامات عديدة، فنكهته الحامضية يفضلها الكثيرون، لذا يضاف إلى الزعتر، وإلى الأكلات الشعبية الفلسطينية مثل المسخن والسماقية، كما يرش على العديد من الأطباق الرئيسية لإضفاء مذاق طيب، وللسلطات والمقبلات المنوعة كذلك.

واستعمال السمّاق يكون حسب نوع الطعام، فيستخدم الحب غير مطحون منه في أكلات المحاشي، مثل محشي اللفت والباذنجان والكبة وغيره، أما المطحون فيستخدم مع البهارات في الدجاج والمشاوي والمسخن، وفي الزعتر.

ونظرا لأن السمّـاق يحتوي على كمية كبيرة من المواد العفصية "دابغة" فإنه يستعمل في دبغ الجلود ويسمى "حشيشة الدباغين"، كما يذكر الباحث في شؤون البيئة خالد أبو علي.

وللسماق دور علاجي للعديد من الأمراض، كالإسهال والنزيف والنزلات الصدرية، والتهابات الحنجرة، ويستخدم على شكل لبخات للتخفيف من تهيج الجلد واحمراره، وهو غني بالفيتامين (c)، والكالسيوم، وتعمل هذه المركبات على الشفاء من الغثيان، والحكة والجرب، ويعد فاتحا للشهية، ويقي من الروماتيزم ويمنع تقيح الأذن.