في الوقت الذي يستحث الإسرائيليون خطواتهم نحو صناديق الاقتراع بعد قرابة شهر واحد، بدأت استطلاعات الرأي تكشف عن جوانب جديدة من هذه العملية الانتخابية الخامسة خلال أربع سنوات، خاصة تأثيراتها السلبية على قوة الردع الإسرائيلية أمام القوى المعادية للاحتلال.
غالبية الإسرائيليين باتت على قناعة أن تكرار الانتخابات المبكرة بهذه الطريقة، وعدم استقرار الحكومة الواحدة لدورة انتخابية كاملة، يسهم بدوره في شيوع انطباع إسرائيلي داخلي وفلسطيني وعربي خارجي أننا أمام حالة من عدم الاستقرار الحكومي، الأمر الذي يترك تبعاته السلبية على النظرة لدولة الاحتلال، واللافت أن هذا الرأي السلبي يشترك فيه مؤيدو الائتلاف الحكومي وأنصار المعارضة في الوقت ذاته.
في الوقت ذاته، ورغم أن الموضوع الأمني والقلق من تطورات مستقبلية قد تكون مفاجئة، يشغل بال حيز واسع من الإسرائيليين، فإن هناك موضوعات أخرى لا تقل أهمية عنها تقلق الرأي العام الإسرائيلي، ومن ذلك ارتفاع تكلفة المعيشة، والأزمة الصحية، والمسائل الاقتصادية، وهي مسائل باتت تحوز أهمية متقدمة لدى الناخبين الإسرائيليين عندما يأتون إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل.
مع العلم أنه على مر السنين، اعتاد الجمهور الإسرائيلي الصعوبات الأمنية والإجراءات العسكرية التي تحيط بالدولة، مما يؤكد حقيقة مفادها أن دولة الاحتلال يصعب عليها أن تعيش في حالة استقرار أمني وهدوء ميداني فترة طويلة من الزمن، بل إنها قد تعيش على التهديدات الأمنية.
مع العلم أن الأيام الأخيرة التي شهدت تقديم الأحزاب الإسرائيلية قوائمها الانتخابية إلى لجنة الانتخابات المركزية، كشفت عما يمكن وصفها "دراما" كبيرة؛ بسبب انقسام القائمة المشتركة، ودخول المرشحين العرب في ثلاث قوائم انتخابية منفصلة، فيما شهد المعسكر اليميني نجاح زعيم حزب الليكود المعارض بنيامين نتنياهو في توحيد حزب العصبة اليهودية، أما في تكتل يسار الوسط؛ فلم يكن هناك اتحاد بين حزبي العمل وميرتس.
اليوم، ونحن تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي قرابة 35 يومًا، يمكن الحديث عن اكتمال الخريطة السياسية التي باتت تتشكل من أربعين قائمة ستتنافس على أصوات الناخبين، وهي فرصة للحديث عن غياب الاختلافات الجوهرية لهذه الجولة الانتخابية عن الجولات السابقة، باستثناء أن استطلاعات الرأي لا تعطي 27 قائمة انتخابية فرصة اجتياز نسبة الحسم، مما يعني تركز التنافس بين 13 قائمة انتخابية فقط، وتقارب فرص المعسكرين في الأصوات النهائية، ما قد يعني الاستعداد لجولة انتخابية سادسة!