فلسطين أون لاين

لإصابتها بالاستسقاء الدماغي

تقرير دينا جرادات.. "ترسيان" يجف في سجون الاحتلال

...
الأسيرة دينا جرادات
غزة/ هدى الدلو:

للحظة نسيت أنها تعيش تحت سلطة احتلال لا تأبه بالقوانين والأعراف الدولية، لتجد نفسها تحت مقصلة إجراءات عنصرية تسلبها الحق في الحرية والعمل.

عرفت دينا جرادات (24 عامًا) من مدينة جنين، فتاة محبة للحياة بتفاصيلها كافة، وطالبة يفترض أنها في عامها الجامعي الأخير بجامعة القدس المفتوحة - تخصص إعلام، قبل أن تعتقلها سلطات الاحتلال وتوجه لها تهمة الحصول على تمويل من تنظيم إرهابي وفق التصنيف الإسرائيلي.

على أبواب التخرج قررت دينا برفقة زميل لها إطلاق مشروع "كنعان" لطباعة "البلايز"، تزعم سلطات الاحتلال أنه ممول من حركة الجهاد الإسلامي.

تتحدث شقيقتها "اتحاد" لصحيفة "فلسطين" عن دينا التي تحب أن يناديها من حولها "ترسيان" كما لقبها والدها قبل وفاته، وهو "الغصن الأخضر". ترى نفسها كأثر الفراشة الذي لا يزول، لديها موهبة الكتابة والإلقاء، وهي عضو في منتدى الأدبيات الفلسطيني "مدى".

تعاني دينا مرض الاستسقاء الدماغي، وتخضع بين فترة وأخرى لجلسات سحب السوائل المتراكمة في الدماغ، اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر السابع من أغسطس/ آب الماضي، وكانت قد كتبت عبر منصتها الفيسبوك قبيل اعتقالها "قوات الاحتلال تقتحم منزلنا، اللهم سلم".

تقول اتحاد: "دينا آخر العنقود، لها صدى مميز في العائلة، كما لديها أصدقاء من فلسطين وخارجها، وهي محبوبة من الجميع. بعد أن أنهت دراسة الصف العاشر تركت المدرسة أربع سنوات لتهتم بموهبتها في الكتابة حيث سافرت إلى الأردن من أجل تحقيق حلمها".

وتضيف: "كانت المدللة عند والدي، رحمه الله، وقد تأثرت كثيرًا بوفاته. قبل أربع سنوات ظهرت إصابتها بمرض الاستسقاء الدماغي، وتحتاج إلى علاجات يومية، وتُجري بشكل دوري عمليات سحب للمياه من العمود الفقري".

في السابع من الشهر الماضي سمعت "اتحاد" في أثناء وجودها مع "دينا" ووالدتهما في البيت أن قوة "اليمام" الإسرائيلية حاصرت الحارة دون معرفة السبب، وعلموا فيما بعد أنهم اقتحموا بيوت أقاربهم لأجل البحث عن دينا، وعند وصول القوات لباب بيتهن فجرته قبل فتحه.

تتابع حديثها: "اقتحم أفراد القوات الخاصة البيت بكل وحشية، وسألونا على أسمائنا وبمجرد أن نطقت دينا باسمها طلبوا منها رقم هويتها، فلم تكن تحفظه، فطلبوا منها إحضارها من الغرفة ولحقوا بها واستجوبوها وطلبوا منها إحضار هاتفها المحمول واللاب توب الخاص بها واعتقلوها".

لم يراعوا أنها مريضة وتحتاج إلى تناول علاج يومي، سمح لها باصطحابه معها لكن منذ اليوم الأول لاعتقالها لم تتناول حبة دواء واحدة.  

قضت "دينا" 16 يومًا في الزنزانة، لم يسمح لها بتبديل ملابسها، تنام على البرش الحديدية لعدم وجود فراش، تناجي ربها وحدها من قسوة الاعتقال والوجع اليومي الذي يرافقها.

من بين ما كتبته على جدار صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وتعبر فيه عن معاناتها من ألم الاستسقاء الدماغي: "نفسي أبطل أشعر بهذا الألم الذي يرافقني يوميا، أكون قاعدة فجأة تشعر بألم شديد، كأن أحدا يمسك رأسي من الجهتين ويشدّه بقوة، ثم يتركه، كأن كهرباء في رأسي، وبعد ثوانٍ أشعر بضبابية في الرؤية وكأن السوائل تجمعت في عينيَّ".

توضح اتحاد أن دينا أحوج ما تكون إلى رعاية عائلتها بسبب المرض، "ما زاد الطين بلة ألم التنقل في مراكز التحقيق والسجون عبر البوسطة"، مشيرة إلى أنه قبل الحكم عليها بيومين أُجريت لها عملية سحب سوائل في مستشفى "رمبام" الإسرائيلي، "خرجت إلى المحكمة، وقد كانت مكبلة اليدين والرجلين، لم تستطع الوقوف، وبالكاد ترفع رأسها، حتى أنها لم تتمكن من الحديث معنا، وحُكمت بالسجن أربعة أشهر ونصف الشهر، ودفع غرامة مالية بقيمة 6000 شيقل".

تشير "اتحاد" إلى أنه بالرغم من صعوبة وضع شقيقتها الصحي فإن الشيء الوحيد الذي نطقت به عندما رأتهم: "أنا مش أحسن من اللي جوا".

أما والدتها فلا تترك صورة ابنتها "دينا"، تقضي أغلبية ساعات النهار في غرفتها، تفتقد صوت آخر العنقود في البيت، التي أمضت الكثير من الليالي تحدث والدتها عن أحلامها وطموحاتها.