لا يحمل الإسرائيليون توقعات متفائلة بتراجع التهديدات الأمنية والتحديات العسكرية عقب انخراطهم في الانتخابات الخامسة، بل إن الرأي السائد أن المشاكل الأمنية ستبقى تشغلهم في المرحلة القادمة أيضًا، سواء القادمة من إيران، أو لبنان، أو الأراضي المحتلة.
لعل اللافت أن المرحلة القادمة تشهد تطورات إسرائيلية متزامنة بشكل غريب، مما يجعل العام القادم 2022-2023 واحدًا من أكثر السنوات تعقيدًا وفق بعض القراءات الإسرائيلية، لأنه سيكون حافلًا بالأحداث، أولها الانتخابات العامة، وثانيها الانتخابات النصفية الأمريكية، كونه شأنًا إسرائيليًّا، وليس أمريكيًّا فقط، وثالثها تولي رئيس أركان جديد لجيش الاحتلال، ورابعها الحسم في موضوع بدء إنتاج الغاز قرب الشواطئ اللبنانية على وقع التهديدات القادمة، وخامسها إمكانية توقيع اتفاقية نووية جديدة مع إيران، رغم تباعد فرصها، وسادسها فرضية حدوث تغييرات في السلطة الفلسطينية في حال غاب أبو مازن عن المشهد.
عند الحديث عن الضفة الغربية، يدخل الإسرائيليون موسم الأعياد، وسط تصاعد الإنذارات والتحذيرات بوقوع المزيد من العمليات الفدائية الفلسطينية، والتقييمات الأمنية للأوضاع الميدانية تتجه نحو التشاؤم أكثر، دون حدوث تغييرات جوهرية كبيرة في السياسة الإسرائيلية، مع ظهور تقديرات، ولو أولية غير مرجحة، بإمكانية أن تبدأ الحكومة الإسرائيلية الجديدة المقبلة بالتفكير بخيار الحل السياسي مع الفلسطينيين، في حال توافقت أطرافها المحتملة.
الوضع في قطاع غزة مرشح لمزيد من الهدوء النسبي بين عدة عدوانات متقطّعة، لم تنجح في ردع المقاومة الفلسطينية، مع بقاء فرضية اندلاع جولة عسكرية أخرى، ربما بسبب اقتحامات المستوطنين للأقصى.
إيران، وبالتزامن مع المظاهرات الداخلية في الأيام الأخيرة، تتباين التقديرات بين العواصم ذات الصلة: تل أبيب وطهران وواشنطن، في إمكانية أن يتم إبرام اتفاق نووي جديد، وسط تصاعد الرفض والتهديدات والمطالب والطلبات والأجوبة بين مختلف الأطراف، وحتى كتابة هذه السطور فلا يوجد اتفاق، وهذا ما قد يرضي الاحتلال، رغم أن البعض فيه يعتقد أن الاتفاق قد يكون الخيار الأقل سوءًا.
أما منصات الغاز قرب الشواطئ اللبنانية، فمن الواضح أن الاحتلال عازم على البدء باستغلال حقل "كاريش"، بالتزامن مع احتمالية أن يتم التوصل لاتفاق مع لبنان على مسار الحدود البحرية، وسط قراءة إسرائيلية مفادها أنه من لحظة التوقيع، قد يستخدم الاحتلال قدراته الاستخباراتية والذراع البحرية لحماية مصادر الطاقة من أي استهدافات متوقعة، والخلاصة أن دولة الاحتلال تتأهب لتدخل سنتها العبرية الجديدة، وهي تحمل لقب الدولة المهددة في العالم اليوم، بعد أوكرانيا، ومهددة من الشمال والجنوب، من قوى المقاومة التي تتحول تدريجيًّا إلى جيوش حقيقية ذات قوى تدميرية كبيرة.