المحور الناظم للمواجهة مع الاحتلال بعد فشل برنامج التسوية المسمى (أوسلو) هزيمة إستراتيجية هو خيار المقاومة بعد أن تم رفع كلفة استمرار هذا الاحتلال وتزايد خسائره في الضفة والقدس والنقب وغزة والداخل المحتل وتعظيمها وصولاً لزوال الكامل الشامل الذي بات قريباً فما يجري الآن من متغيرات سياسية داخل الكيان وخارجه تعزز منطلق زواله وتحلله وتفسخه الذي أصبح مسألة وقت في ظل إجماع الحركة الوطنية الفلسطينية على خيار الكفاح المسلح باعتباره السبيل الحقيقي لإلحاق هزيمة استراتيجية بالاحتلال.
١- لفت انتباهي خطاب محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي عبر عن فلسفة أوسلو التي ما زالت تستجدي السلام الوهمي من الاحتلال وكأنها الفكرة الوحيدة المطروحة كانت هذه المعاني واضحة في كلام عباس الذي كان أكثر صدقًا وتعبيرًا عن الحقيقة التي وصلت إليها السلطة من ضعف واضح وأنها باتت على حافة الانهيار إن حادت عن دورها الوظيفة المرسوم لها في حماية أمن الاحتلال وملاحقة المقاومين واعتقالهم بل وتجريم المقاومة.
٢- ليس من الممكن في هذه الأيام إسكات الأصوات الوطنية التي باتت تدرك فشل حقبة أوسلو باعتبارها أسلوبًا عقيمًا وعاجزًا عن بلوغ أهداف شعبنا الوطنية واستمرار عمليات المقاومة في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل يجعلنا ندرك أنه من الضروري أن نضاعف جهودنا لاستنهاض المقاومة ودعم تصاعدها في ظل اليقين بأنه لا يمكن أن تتحقق أي نتائج حقيقية بعيداً عن مشروع المقاومة كخيار حقيقي للقضية الفلسطينية واستعادة أرضنا المحتلة.
٣- هل دولة الاحتلال تريد الحرب؟ إن الإجابة البسيطة على هذا التساؤل توضح حقيقة المشهد؛ ربما تسعى من خلال اقتحامات الجماعات اليمينية للمسجد الأقصى والأفعال مواجهة جديدة، وإن الأمر الغريب أنه لم يدرك حقيقة أن المقاومة تمثل الحالة وطنية شاملة في كل قرية ومخيم ومدينة فلسطينية أم مواجهة عسكرية جديدة رفضًا للعدوان على المسجد الأقصى ومحاولات جماعات الهيكل لفرض واقع جديد فيه يشبه ما جرى في المسجد الإبراهيمي من فرط تقسيم زماني ومكاني هي خطوات خطيرة لا يمكن أن يتقبلها المجتمع الفلسطيني والمقاومة الباسلة التي تعد المسجد الأقصى خط أحمر وثابت من الثوابت الأساسية لديها.
٤- وأمام هذه التحركات من الجماعات المتطرفة ودعواتها لاقتحام المسجد الأقصى كانت رسائل النار التي حملتها صواريخ المقاومة التجريبية التي انطلقت تجاه بحر غزة تأكيد للاستعداد والجهوزية العالية لدى المقاومة وتحمل تحذيرات للقيادة الصهيونية بأن أي تجاوز الخصوص الحمراء التي رسمتها قيادة فصائل المقاومة ستفجر مواجهة أكثر تعقيدًا وأكثر عمقًا مما شهدها العدو قبل ذلك.
٥- في الفترة الأخيرة كانت الأحداث الإقليمية تلقي بظلالها على الواقع السياسي لدى الاحتلال بداية من الملف الإيراني وتهديدات حزب الله حول حقل كاريش اللبناني وأمام ذلك فإن السير باتجاه تصعيد في المسجد الأقصى سيكون بمنزلة انتحار عسكري ودرب من الغباء إستراتيجي لا تحمد عقباه.
الأمر الذي لن تكون قيادة الاحتلال قادرة على تحمل تبعاته ما حدث من تجارب صاروخية للمقاومة وما كشفت عنه من قدراتها هي رسالة للإرهابيين من جماعة الهيكل وقيادة الاحتلال أنكم تسيرون في حقل ألغام وإن الوضع الإقليمي يؤكد أن هناك تحولًا في الموازين الدولية في الشرق الأوسط والعالم ووقائع الأزمة الروسية الأوكرانية حاضرة وكذلك التراجع في العلاقات بين الاحتلال وروسيا الأمر الذي يجعل خوض الاحتلال المعركة في هذا التوقيت وصفة جاهزة للهزيمة.
٦- واضح أن (تل أبيب) وتصعيدها في المسجد الأقصى تدخل معركة غير محسوبة ستدفع باتجاه معركة سيف القدس ٢ والمقاومة جاهزة في كل زمان للدفاع عن الأقصى، في الختام عمل الاحتلال على توظيف التطبيع والمال من أجل خدمة مصالحه وتحسين صورته في الوقت الذي يخوض شعبنا الفلسطيني معركة وعي لفضح جرائم الاحتلال أمام المجتمع الدولي وكشف زيف رواية الاحتلال في الإعلام الغربي وحماية حقنا بالمقاومة المكفول وفق الاتفاقيات الدولية فالمقاومة الفلسطينية تدافع عن أرضها وهي حركات تحرر وطني ضد الإرهاب الصهيوني الذي يقتل الجرحى والأطفال والصحفيين والمعاقين ويستهدفهم في جريمة صارخة.