فلسطين أون لاين

يعزلها عن عمقها الفلسطيني

تقرير الجدار العنصري.. طوق يخنق القدس

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ رامي رمانة:

تسبب جدار الفصل العنصري، في خنق مدينة القدس، وعزلها عن الامتداد الجغرافي الفلسطيني، مما كبدها خسائر اقتصادية فادحة، كما مكّن الجدار الاحتلال من إحداث تغيير ديموغرافي في المدينة المقدسة، بإضافة مستوطنات لنفوذها وإخراج أحياء فلسطينية.

وكانت حكومة الاحتلال برئاسة أرييل شارون صدَّقت على بناء الجدار في إبريل/نيسان 2002، وبُوشر البناء في الـ16 من نفس الشهر، وبدأ منذ ذلك الوقت الحديث عن المخاطر والأضرار التي ستنتج عن ذلك.

وأكد الاختصاصي الاقتصادي د.نائل موسى على أن مدينة القدس بعد أن حاصرها الاحتلال الإسرائيلي بجدار الفصل العنصري، انعزلت عن الامتداد الفلسطيني، والذي كان يساهم في تدعيم نشاطها الاقتصادي.

وأوضح موسى لصحيفة "فلسطين" أن أهالي قطاع غزة والضفة الغربية كانوا في زياراتهم المتكررة لمدينة القدس من أجل الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة الأقارب والسياحة، ينعشون اقتصادها، كما كان هناك تبادل تجاري بين المدينة والمدن الفلسطينية الأخرى، لكن بعد بناء الجدار حرم الاحتلال القدس هذه الامتيازات الاقتصادية.

وأشار موسى إلى أنه في غياب ذلك الانتعاش الاقتصادي، اضطر أصحاب المنشآت الاقتصادية في القدس إلى تقليص أنشطتهم وصولا إلى الإغلاق والعزوف لأن العائد لا يغطي النفقات في وقت أن سلطات الاحتلال تفرض على المقدسي ضرائب عديدة باهظة.

وبيّن موسى أن جدار الفصل العنصري، أعطى سلطات الاحتلال الضوء الأخضر في التلاعب بالتغير الديمغرافي لصالح المستوطنين، حيث إنه مكن الاحتلال من إدخال مستوطنة "معاليه أدوميم" لمدينة القدس وأخرج أحياء فلسطينية من القدس مثل مخيم شعفاط، وضاحية البريد، وبلدة راس خميس.

وفي السياق، يقول المدير العام للإغاثة الزراعية منجد أبو جيش: "إن جدار الفصل العنصري، إحدى الأدوات الإسرائيلية السيئة التي تهدد التنوع الحيوي والحياة البرية، حيث تسبب الجدار في اقتلاع آلاف الدونمات الزراعية خاصة أشجار الزيتون، ما تسبب في خسائر فادحة للمزارعين في القدس المحتلة والضفة الغربية أيضًا".

وأضاف أبو جيش لصحيفة "فلسطين": أن الغطاء النباتي الذي حل مكانه جدار الفصل العنصري كان يمثل مأوى لكثير من الحيوانات والطيور خاصة في أوقات التزاوج والهجرة، بل إن تلك الكائنات تعرضت للموت والإصابات بسبب محاولتها اجتياز الجدار المزود بأجهزة كهربائية مميتة وأسلاك متشعبة.

ولم يقتصر الخراب الذي تسبب به الجدار عند ذلك وحسب، فقد رافقت عملية بنائه تدمير شبكات المياه المخصصة للاستخدام المنزلي والزراعي، وهدم ينابيع المياه والآبار الجوفية، إلى جانب وقف جريان المياه بين مناطق الضفة الغربية. يضيف أبو جيش.

كما أعاق الجدار وصول المزارعين إلى أراضيهم خاصة في أوقات الزراعة والحصاد ما أعطى المستوطنين الضوء الأخضر لسرقة المنتجات الزراعية الفلسطينية، وأشار أبو جيش إلى أن كثيرًا من المزارعين اضطروا إلى خسارة محاصيلهم بسبب منع الاحتلال وصولهم إلى أراضيهم، وآخرين اضطروا إلى ترك مهنة الزراعة بسبب عراقيل الاحتلال ومستوطنيه.

كما تسبّب جدار الفصل العنصري في مصادرة مواقع أثرية، حيث يقدر خبراء عدد المواقع الأثرية التي صادرها الجدار العازل في القدس المحتلة والضفة الغربية بنحو 4500 موقع، منها نحو 500 موقع مركزي، وهو ما يشكل 46% من المواقع الأثرية في تلك المناطق.

من جانبه، أكد الاختصاصي الاقتصادي د.نور أبو الرب ضرورة أن تتكاتف جميع الجهود الفلسطينية على كل المستويات محليًّا ودوليًّا لفضح ما يسبّبه الجدار من فساد في البيئة .

وبيّن أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن "الاحتلال يسوق روايته عالمياً أن الغرض من إنشاء الجدار حماية سكانه من بطش الفلسطينيين، لكن ينبغي على العالم الحر أن يدرك أن الجدار حول القرى والبلدات الفلسطينية إلى كنتونات معزولة يتحكم الاحتلال بها، وأن الجدار يفصل مناطق الضفة الغربية عن بعضها البعض وكذلك القدس المحتلة".