حتمًا سيتفاعل العالم الحرُّ المنافق بطريقة مختلفة تمامًا، سيخرج المكيال الذهبي لحقوق الإنسان، سيعدّد ويحدّد ويوضّح ويفضح الجريمة بكلّ أبعادها، الإنسانية والقانونية والأخلاقية، سيذرف كلّ دموعه السياسية والدبلوماسية، سيبكي عيون أمهات العالم وسوف يستثير كلّ الأحاسيس العميقة لرجال الفنّ والأدب والإعلام المرهف الإحساس مع القضايا الإنسانية، لن يبقى في العالم إنس ولا جانّ إلا وقد استخرج ما لديه من مشاعر ودموع وكلّ أدبيات العطف والإحسان، ستصبح قضية أبو حميد الأوكراني قضية الإنسان للعالم أجمع، وسيصبح عنوانًا للصحافة والإعلام والإنتاج الهوليودي العظيم، سيدخل عالم النتفليكس وستحظى الأعمال الدرامية والسينمائية الدعم الكافي لإخراجها بأبهى صور الإنتاج الفنّي العالمي، ستنهال الملايين على كلّ من يبدي الاستعداد لتناول أبو حميد الأوكراني سينمائيًّا، وسيتسابق ويتنافس المخرجون القادرون على التقاط الفرص الذهبية لأعظم الإنتاجات الدرامية.
وستقوم ماكينات الإبهار والتلميع والترويج بشيطنة هؤلاء المجرمين الذين يمارسون الجريمة بكل أشكالها البشعة، لن يجد الناس صورة أسوأ وأشدّ قذارة وحقارة للمجرم من تلك التي سوف يصدّرها هذا العالم الحرّ المنافق عن هذا المجرم، ولن نجد وصفًا أو صورة للجريمة أفظع من التي يصدّرها هذا العالم، سنرى الشيطان في عيونهم وسنرى رؤوس الشياطين كلّها قد اشتركت في هذه الجريمة النكراء.
لو أن أبو حميد أوكراني لظهر الشيطان الأكبر في روسيا ولتحرّكت المسيرات والمظاهرات مرهفة الحسّ الإنساني والحيواني احتجاجًا على هذه الجريمة النكراء وإدانة للمجرم ومطالبة بأشدّ العقوبات الاقتصادية وإنزال أشدّ ما نصّت عليه مواثيق الأمم المتحدة وقوانين جنيف الخاصة في الأسرى، ولطالبت هذه الآلاف المؤلفة حكوماتها بسحب سفرائها وضرب حصارها وطرد رعاياها وملاحقتها في كلّ المحافل الدولية وسدّ أفقها في كلّ المجالات الحياتية.
لو أنّ أبو حميد أوكراني لقام العالم الحرّ المنافق ولم يقعد، فأمام ما تشهده الشوارع الملتهبة بالمسيرات والاحتجاجات وأمام صور الإنسان الذي يحتضر ويعدّ لحظاته الأخيرة وأمام تلك الصورة التي يبدو الشيطان بأسوأ صوره مرسومة على محيّا ذاك المجرم القائم على تعذيبه، للعبت تلك الحكومات دورها ولحرّكت كلّ اللوبيات الضاغطة من أجل إطلاق سراحه وإرسال أرقى الطواقم الطبيّة لعلاجه.
أمّا وقد ثبت لهم أن أبو حميد فلسطيني بما لا مجال للشكّ في جنسيته، فسيختفي مكيال الذهب وسيخرجون لنا مكيال التنك الذي ران عليه الصدأ واهترأ منذ سنة ثمانٍ وأربعين، ناصر أبو حميد الفدائي الفلسطيني الحر لا بواكي له عندهم، ولكن لتعلم دولة الاحتلال أنّ وزنه عظيم عندنا، لنا نحن ميزان من ذهب سيوزن به أبو حميد وكل أسرانا وستدور الدائرة وعجلة التاريخ للتنبؤ بمستقبل مشرق عزيز كريم بإذن الله، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.