تُشكل مواقع التواصل الاجتماعي أبرز المحركات الأساسية لكل ما يقومُ به البشر حول العالم، قفزة كبيرة للتواصل بشكل تفاعلي من خلال الشبكة العنكبوتية؛ لقدرتها على التأثير في حياتنا بشكلٍ كبير، سواءً كان هذا التأثير إيجابيّا أو سلبيًا؛ حيث تحمل كمية كبيرة من البيانات، والخدمات، من خلال الاشتراك بمجموعة من التطبيقات وتبادل المحتوى الذي يتمّ إنشاؤه بواسطتها.
إذ تُعّد مواقع التواصل الاجتماعي، كأي مشروع أو فكرة أو نظام، لها العديد من الإيجابيات التي تحسب لها ويجب استغلالها، كسرعة الحصول على الأخبار والمعلومات، تسويق المنتجات ومساعدة الباحثين عن فرص عمل وطلاب العلم، وتوثيق الذكريات، وتوسيع دائرة معارفنا وصداقتنا. ويشوبها أيضًا العديد من السلبيات التي يجب أن نحذر منها، مثل هدر الوقت، الذي قد يدفع إلى إدمانها، الانعزال عن الواقع وضعف العلاقات الإنسانية وقلة التفاعل وجهًا لوجه، تقليل مهارات فنّ المحادثة، غياب المصادر الموثوقة، نشر الأفكار الهدّامة والشائعات والأكاذيب، انتحال الشخصيات والتزوير، وانتهاك الحقوق العامة والخاصّة.
ولمواقع التواصل الاجتماعي العديد من الإيجابيات والمميزات أذكر منها: أولاً تقريب المسافات إذ تستطيع مواقع التواصل الاجتماعي تقريب المسافات بين المستخدم وأقاربه وأصدقائه، سواء كانوا بنفس البلد، ولكن بمحافظة أخرى أو بدولة ثانية؛ الأمر الذي يؤدي إلى توطيد العلاقات بين الفرد وجميع من يهمه أمرهم، وبدون تكلفة مالية عكس ما كان يحدث في الماضي من اللجوء إلى الاتصال دوليًا بتكاليف مالية باهظة.
ثانيًا التحاور الفعّال من خلال تعزيز مواقع التواصل الاجتماعي العلاقات الاجتماعيّة لدى الإنسان، لإتاحتها خاصية التعارف على أصدقاء جدد والاطلاع على عادات وتقاليد الشعوب المنتشرة في أصقاع العالم وتبادل الثقافات المختلفة بين الشعوب، الأمر الذي يكسبه العديد من المهارات المتعلقة بقدرته على التحاور الفعّال مع مختلف الطبقات والجنسيات العالميّة.
ثالثًا أداة للترويج باعتبارها أداة فعالة للترويج لمنتجات وخدمات الشركات التجارية؛ إذ تمتاز بقلة تكلفتها وسرعة فعاليتها وزيادة الأرباح من ورائها. رابعًا سهولة تبادل الآراء لأنها فرصة مميزة للإنسان للتعبير عن ذاته وآرائه وأفكاره الداخلية وتوجهاته، كما أنها فتحت الأبواب لتبادل الآراء وأتاحت فرص المشاركة في التعبير عن الرأي ونقل الأفكار والآراء المتعلقة بموضوع معين من أيّ مكان، وفي أيّ وقت لعدد كبير من الأشخاص وبطريقةٍ سهلة.
من جانبٍ آخر أذكر سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وأخطرها إهدار الوقت؛ إذ تتسبب مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أساسي في إهدار الوقت، وتجاهل مسؤولياته الحياتية؛ نتيجة الإفراط في عدد ساعات المكوث أمامها لمتابعة الأخبار وإرسال واستقبال الرسائل وكتابة المنشورات والتعليقات بشكل يومي يصل فيما بعد إلى الإدمان. وإهمال الواجبات إذ قد تدفع تلك مرتاديها إلى إدمان متابعتها والمكوث أمامها لفترات طويلة جدًا؛ متجاهلين واجباتهم اليومية الضروريّة، بالإضافة إلى إهمال أفراد عائلتهم وأصدقائهم بالعالم الواقعي، الأمر الذي يُغيّب الفرد عن حياته الحقيقة ويقطع صلة الأرحام. ناهيك عن اختراق الخصوصية وسرقة الهوية لأن المستخدم يزود مواقع التواصل الاجتماعي، الشركات الكبرى والتسويقية، بالبيانات والكلمات المفتاحية التي يستخدمها ويبحث عنها المستخدم أثناء التصفح، وذلك بغرض استهدافهم للترويج لهم عبر تزويدهم بالإعلانات دائمًا على صفحاتهم الشخصية فقد تسمح هذه المواقع باختراق صفحات أعضائها، وسرقة كل المعلومات والبيانات الشخصية والمهنية والعائلية والتطفل عليهم من قبِل “الهاكرز”، الأمر الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى مساومتهم على تلك المعلومات مقابل مبالغ مالية طائلة، كما يمكن أن يتم سرقة هوية الشخص نفسه، وانتحال شخصيته بسبب المعلومات التي ينشرها المشترك على صفحته الخاصة؛ ما يلحق ضررًا كبيرًا به. بالإضافة لاستغلالها لنشر الأفكار التخريبيّة إذ يعتبرها البعض منصة أو منبرًا إعلاميًا خاصًا بهم للتأثير في عقول الشباب وتغيير تفكيرهم ومعتقداتهم الصحيحة؛ من خلال نشر الأفكار التخريبيّة الخاطئة، الأمر الذي قد يؤدي إلى الانحراف الفكري والأخلاقي والوطني، والزج بهم في نهاية المطاف إلى السجن.
ختاما، إن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين بإمكانك استثماره واستخدامه للتطوير والتسويق ويتحول الإفراط في استخدامه إلى إدمان حقيقي وقد يسرق عمرك.. وهذا يجعله أفة يمكنها أن تلتهم ساعات كثيرة كل يوم.. وإن لم يتم وضع حد لاستخدامها فيمكنها حقا أن تلتهم حياتنا كلها.. وتحرمنا متعة الوجود في الواقع وممارسة الأنشطة الطبيعية المتاحة في حياة الإنسان.