قبل أسابيع أصدرت نقابة المحامين الفلسطينيين تحذيرًا لطلبة الحقوق بأنه لن يسمح لهم بالانضمام إلى نقابة المحامين أو العمل بسبب التضخم الشديد في عدد المنتسبين للنقابة الذي يتصاعد كثيرًا عامًا بعد عام، وفي نقابة أطباء الأسنان في الضفة الغربية هناك مجموعة من النقابيين تقترح أن يغلق باب الانتساب للنقابة أمام الخريجين الجدد لذات السبب، ولكن نقابة أطباء الأسنان في غزة أصدرت بيانًا تحذر فيه من المشكلة نفسها ولكنها طرحت حلولًا منطقية وقانونية وهو بأن يتم رد الأمر إلى جهات الاختصاص لحل هذه الإشكالية، حتى لا تنتشر البطالة المقنعة بين أطباء الأسنان، ولا تتراجع كفاءة أطباء الأسنان بسبب زيادة عددهم في الكليات التي لا تمتلك القدرة على تأهيلهم في هذا المجال بالقدر المطلوب.
لا يحق لأي نقابة مهنية أن تتحكم في مصير أي طالب أو أي خريج جديد بناء على أهواء أعضاء النقابة ودون الاستناد إلى قانون، ما تحاول بعض النقابات فعله هو احتكار المهنة وهذا ليس من حقهم، إذ إنه لا يعقل على سبيل المثال أن يُتخذ "قرار" نقابي بمنع الانتساب للنقابة لخريجي عام 2021 وتكون غالبية المصوتين من الخريجين الجدد الذين لم تتجاوز سنُّهم النقابية 3 أعوام، ولو كان هؤلاء المصوتون من الضحايا المفترضين لما سكتوا عن هذا الظلم، ولذلك أقول لكل من يفكر في احتكار أي نقابة أن يهدأ وألا يفكر بطريقة دكتاتورية فرعونية مخالفًا بذلك القانون وأخص بالذكر نقابة المحامين التي من المفترض أن تكون حارسة للقانون والدستور كما فعلت في الآونة الأخيرة ووقفنا جميعًا إلى جانبها.
أنا احترمت بشدة منطق نقابة أطباء الأسنان في قطاع غزة، وهي محاولة حل المشكلة من جذورها وبطريقة قانونية، وهذه في الحقيقة مشكلة عامة والبطالة متفشية في كل التخصصات بل وفي كل المجالات سواء تلك التي تحتاج إلى شهادات أو لا تحتاج، مع ذلك أقول إنه قد يحرم البعض من دخول كلية طب الأسنان أو التخصص الذي يختاره ولكن للضرورة أحكام، أما أن "يتورط" في دخول الجامعة ويهدر الطالب وقته وماله وآماله سواء سنة أو أقل أو أكثر ثم يصطدم بعدها بقوانين جائرة وغير دستورية، فهذا غير مقبول أخلاقيًّا وقانونيًّا ومن كل النواحي، ولذلك لا بد أن تأخذ الجهات المختصة باقتراحات ومطالبات نقابة أطباء الأسنان في غزة بجدية تامة، وبالتوازي مع ذلك على الدارسين الجدد أن يفكروا مليًّا في التخصص الذي يريدونه لأنه سيحدد مستقبلهم، مع أن أوضاع قطاع غزة هي استثناء حيث تردي الأوضاع الاقتصادية وتفشي البطالة بسبب الحصار الذي يفرضه المحتل الإسرائيلي ومن الصعب أن ينجح التخطيط دون رفع الحصار وعودة الحياة تدريجيًّا إلى طبيعتها والله المستعان.