مع دخول الحرب الأوكرانية الروسية شهرها السابع، وتبعاتها المترتبة على الاحتلال، فإن أوساطه العسكرية والأمنية بدأت تستخلص الدروس والعبر منها، تحسباً من وقوعه في ذات الإشكاليات التي تورط فيها طرفا الحرب، مع أن ما يعده الاحتلال "هزائم صغيرة" عاناها الروس على أرض أوكرانيا، يتم دراستها بالفعل في مؤسسته العسكرية.
رصد الإسرائيليون جملة أخطاء استخباراتية وعسكرية وقع بها الروس في حربهم ضد أوكرانيا، جزء منها بسبب غطرسة جيشهم الأحمر، وهو ذات الإخفاق الذي وقع به الاحتلال منذ 49 عاما في حرب أكتوبر 1973، وهذا الدرس الإسرائيلي الأول.
الدرس الثاني يتعلق بالصناعات العسكرية الإسرائيلية التي بدأت منذ انطلاق أول قذيفة روسية باتجاه أوكرانيا، إذ بدأت تتجهز لبيع "السترات الواقية" للدبابات وناقلات الجند المدرعة، لحمايتها من أي صواريخ موجهة في ساحات المعارك.
يرتبط الدرس الثالث بعدم استسهال أي معركة خارج الحدود، وهو ما وقع به الروس الذين اعتقدوا أن غزو أوكرانيا سيتم بسرعة، في محاكاة منهم لما حصل في الحرب العالمية الثانية، بمشاهد اقتحام الدبابات التي تدمر القوات والمباني والمستودعات، لكن النتيجة المدوية اليوم أن الجيش الروسي فقد 20-25 ألف قتيل، وإصابة 60 ألفًا، مع أنه طيلة الحرب السوفيتية في أفغانستان بين 1980-1988، فقدت موسكو 2448 جنديًّا وجرح 20 ألفًا آخرون.
الدرس الرابع يتمثل بقرارات العديد من دول العالم مضاعفة ميزانياتها العسكرية، وهذا يعني فرصة إسرائيلية لتسويق صادراتها التسلحية، ما دفعها للكشف للمرة الأولى بعد عقدين من الزمن من السرية عن امتلاكها طائرات من دون طيار، وافتتاح صفقاتها مع الهند والمغرب، لأن حرب أوكرانيا أظهرت أن تدمير دبابة باهظة الثمن رخيص للغاية عبر هذه الطائرات.
خامس الدروس الإسرائيلية من الحرب، ما قد يستفيد منه الاحتلال في عدواناته على الفلسطينيين ولبنان وسوريا وإيران، ما قد يساعده في تحليل ساحة المعركة المستقبلية، بما يشمله من الاستمرار بتطوير الأسلحة التي يحتاج إليها، كالصواريخ الفعالة، والطائرات من دون طيار الانتحارية، والمدافع وغيرها.
يقفز إلى السطح درس إسرائيلي سادس وثيق الصلة بالفشل الاستخباري في حرب 1973، إذ عاد مجددًا مع الروس على مشارف كييف، ما قد يدفع الاحتلال لزيادة ميزانيات الأنظمة الإلكترونية، وقدرات التجسس، واختراق الدول المعادية، والتعرف إلى أنظمتها التسلحية، ومعلوماتها المشفرة، لأن جزءًا من النجاح الأوكراني بمواجهة الجيش الروسي هو المعلومات الاستخباراتية المقدمة إليها من الغرب.
لا يخفي الإسرائيليون وهم يتابعون مجريات الحرب ما يواجهه الجنود الروس من نقص في الذخيرة والطعام، والتواصل مع جبهتهم الداخلية، ما قد يدفعهم لأن يدرسوا بعمق مسألة خطوط الإمداد واللوجستيات خشية نجاح المقاومة الفلسطينية والدول المعادية في قطعها، وهذا الدرس الإسرائيلي السابع!