فلسطين أون لاين

الاعتقالات السياسية في الضفة إلى أين؟

تواصل أجهزة السلطة في الضفة الغربية اعتقال واستدعاء النشطاء والطلاب والمحررين الصحفيين وأصحاب الرأي على خلفية انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، في صورة مشابهة لتلك التي كانت سائدة في السنوات التي تلت الانقسام الفلسطيني الداخلي عام 2007، وقد شملت الاعتقالات والاستدعاءات محسوبين على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إضافة إلى معتقلين من حركة الجهاد، وآخرين معارضين للنهج السياسي للسلطة الفلسطينية من أبناء حركة "فتح" وأنصارها، ولعل المشاهد الأكثر بشاعة تلك التي نقلتها ووثقتها عدسات الكاميرات من تضييق أجهزة أمن السلطة في الضفة على الحريات العامة وقمع حرية العمل السياسي، كما حدث في جنازة الشهيد أمجد أبو سلطان في مدينة بيت لحم، حيث اعتدى أفراد من الأجهزة الأمنية بلباس مدني على المشاركين في الجنازة من أبناء الجبهة الشعبية وحماس والجهاد الإسلامي، وصادروا راياتهم.

 الاعتقالات السياسية حاليًا تصاعدت تجاه حزبين بشكل أساسي، هما الجهاد الإسلامي وحركة حماس، ليس لدواعٍ انتخابية كما حدث في العام الماضي بعد الإعلان عن إجراء انتخابات تشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحينها شنت قوات أمن السلطة حملة اعتقالات واسعة متزامنة مع حملة اعتقالات مماثلة من قوات الاحتلال الإسرائيلي في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقد تم إلغاء الانتخابات بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، وكأن الأمر مقصود بجعل الانتخابات مدخلا للاعتقالات، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف مسلسل الاعتقالات السياسية، بعد تراجع السلطة عن وعودها بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال،  إنما هي لدواعٍ أمنية محضة ترجع إلى التعاون الأمني المشترك بينها وبين الاحتلال الذي يثني على رجالاتها الأوفياء ويشيد بأدائها وتعاونها معه ضد المقاومة في الضفة، فهناك اعتقالات بالعشرات لنشطاء في الجهاد الإسلامي، خاصة بعد أحداث جنين، والنشاط السياسي لحركة الجهاد في مدينة جنين، وكذلك اعتقالات لنشطاء حماس سواء لطلبة الجامعات أو النشطاء السياسيين بشكل عام، بعد أحداث الشيخ جراح ومعركة سيف القدس التي سجلت انتصارا للمقاومة العام الماضي.

 تعتقد السلطة أنها بهذه الطريقة التي تسلكها من الاعتقالات السياسية في الضفة ستعيد هيبتها وسيطرتها التي تآكلت بسبب فشل برنامجها السياسي، وإلغاء الانتخابات والفراغ الدستوري وانتهاء شرعية الرئيس، وعدم إصلاح منظمة التحرير، وما آلت إليه الأمور من تدهور وفساد مالي وإداري على حد سواء، لذا تعتقد أن القمع يمكن أن يعوّض عن الوضع الذي تعيشه دون أي أفق سياسي أو بصيص أمل يمكن أن يخرجها من النفق المظلم.

يبدو أن السلطة لم تتعلم درسها من استخدام القوة ضد الناشط السياسي نزار بنات بعد اعتقاله في سجونها وتعذيبه حتى الموت، ولم تحاسب المجرمين الضالعين في قتله، وهذا يدل على تواطئها وتسترها على القتلة من جانب، وغياب القضاء من جانب آخر، حيث لا يوجد مجلس تشريعي يراقب السلطتين التنفيذية والقضائية، وتهميش المنظمات الحقوقية، ولا يوجد ضمان للحريات العامة، ولا وحدة وطنية، والانقسام سيد الموقف.

 

المصدر / فلسطين أون لاين