فلسطين أون لاين

تقرير حلا فلفل تبكي ألعابها ويوسف يفقد حلمه

...
الطفلة حلا فلفل
غزة/ هدى الدلو:

منذ اللحظة التي وضع فيها العدوان الإسرائيلي الأخير أوزاره على قطاع غزة، تبحث حلا في كل مكان يحملونها إليه عن سلبيها الوحيد في الوصول إلى مرادها، عن غرفتها التي كانت تمتلئ بالألعاب وتقضي بها ساعات يومها الطويل.

لحظات مرعبة عاشتها حلا فلفل (15 عامًا) برفقة عائلتها، بعد إقدام الاحتلال الإسرائيلي في اليوم الثاني من العدوان على قصف منزل عائلة منصور في مخيم الشعوث بمحافظة رفح جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى تضرر المنزل ضررًا بليغًا، فبات مكانًا لا يصلح للعيش.

تنتمي حلا إلى فئة المصابين بمتلازمة "داون"، وزيادة على ذلك تعاني إعاقة حركية، وعدم القدرة على النطق بسبب مشكلات صحية عانتها منذ الولادة.

تتكون عائلة فلفل من ثلاث فتيات من ذوات الإعاقة، وشابين.

لحظة القصف، لا أحد يعرف كيف قفز "سمير" فوق شقيقاته في محاولة منه لحمايتهن من الشظايا والركام المتناثر، فأصيب هو بقدمه، على حين لم تدرك حلا ما يدور حولها بسبب الظلام الذي كان يخيم على المكان، فكان الصراخ وسيلتها للتعبير عما اعتراها من مخاوف.

يقول شقيقها سمير: "ساعدنا الجيران على إنقاذ حلا ونقلها إلى منزل أحد الجيران، ومن ثم إلى منزل أحد أقارب العائلة، ولم ينتبه أحد لإصابتها في يدها إلا بعد يومين لانشغالنا بوالدتنا المصابة بإصابة خطيرة".

ومع مضي نحو أسبوع على انقضاء العدوان، لم يغادر ملامح حلا التي لا تزال تبحث عن ألعابها وتفتقد كرسيها المتحرك الذي بات عاجزًا عن الحركة بفعل انكسار أحد دواليبه، لتقضي أيامها بحالة من ملل دون أن تجد ما تسلي به وقتها، بعد ضياعهم بين الركام والدمار الذي حل بمنزل عائلتها.

حاولت بحركات يدها وصوت غير مفهوم أن تنقل إلى شقيقها سمير رغبتها بالعودة إلى البيت، يقول: "لا تستطيع أن تستوعب ما يدور حولها أو ما حل بنا بسبب القصف، فكل ما يهمها هي ألعابها التي تقضي يومها بينها، فهي عالمها".

بقايا صور

الصاروخ الذي أخذ من حلا ألعابها وغيبها تحت الركام، حول حلم شقيقها يوسف (23 عامًا) إلى ركام وبقايا صور ممزقة، ومعدات تصوير دفنت تحت منزلهم المدمر الذي اشتروه بعد سنوات من التعب والشقاء.

اكتشف يوسف مهاراته في التصوير منذ بضعة أعوام، فقرر أن يمارسها مستخدمًا هاتفه المحمول، وعمل على تنمية مهاراته ملتحقًا بتخصص جامعي يأخذ بيده نحو طموحه.

يقول لصحيفة "فلسطين": "بعد تخرجي من كلية الإعلام في عام 2019، طرقت أبواب العمل حرًّا دون الانتظار في طوابير البطالة، وكنت أسعى وأجتهد لأكون مصورًا محترفًا. في بداية طريقي كنت أستأجر كاميرات من أشخاص لأؤدي مهام التصوير".

وسعيًا منه لتطوير مشروعه حصل على قرض بنكي بقيمة 1950 دولارًا لشراء كاميرا، وبات يواصل الليل في النهار لأجل جلب ما يلزمه من معدات خاصة في التصوير، فاستطاع شراء عدسة أخرى للكاميرا، وستاند، ومايك، وكشافات إضاءة وغيرها لتصبح غرفته الخاصة أشبه بأستوديو صغير يحتضن حلمه.

ولكن في السادس من أغسطس الجاري، ثاني أيام العدوان، كان يوسف يجلس في غرفته عندما وقع القصف في تمام الساعة التاسعة مساءً، إذ انهار البيت فوق رؤوسهم، ودفن حلمه تحت الأنقاض.

ويضيف بصوت حزين: "بعدما اشتريت المعدات التي أحتاج إليها للتصوير اعتقدت أني وضعت قدمي على بداية تحقيق حلمي، ولكني فقدته دفعة واحدة بقصف البيت لأعود للمربع الأول باستئجار الكاميرات من زملائي المصورين".

ويوضح فلفل أنه لم يكمل سداد الديون التي عليه، فلم يسدد سوى 7 دفعات بنكية من أصل 27 دفعة، مقدرًا إجمالي خسائره بنحو 3500 دولار.

وبات يوسف اليوم عاطلًا من العمل بعدما دمّر الاحتلال حلمه بصاروخ غادر، وعقله لا يقف عن التفكير في مستقبله وكيفية سداد ديونه، وإذا ما كان باستطاعته الوقوف من جديد على قدميه.

ويذكر أن عائلة فلفل تسكن بيتها الجديد منذ أربعة أشهر فقط، وقد فقدته في قصف إسرائيلي ليقضي على حلم يوسف، وألعاب حلا، وشقة سمير الذي كان يخطط لإتمام فرحه، إلى جانب إصابته في قدمه.