دولة الاحتلال والعدوان تنفذ أكبر خديعة للمقاومة والمجتمع الفلسطيني بمناورة بدأت بجنين باعتقال بسام السعدي على حين كانت العين الصهيونية الغادرة على غزة، وعلى قائد سرايا القدس تيسير الجعبري. بعد اعتقال بسام السعدي ونشر صور لسحله متعمدًا، لكي تستفز الجهاد وتستجر تهديدات بالانتقام تتخذها حكومة الاحتلال ذريعة للهجوم المباغت على غزة، ويبدو أن الخديعة قد حققت أهدافها في هذه المرحلة، ولكن مكر أولئك يبور، وسيعلم غدًا الذين انقلبوا أي منقلب ينقلبون.
الهجوم المباغت استهدف تيسير الجعبري في شقة سكنية في وسط مدينة غزة، كما استهدف مرابط رصد المقاومة حين كان رجال الرصد داخلها، وكل ذلك حدث في دقائق معدودات بالتوازي، ما رفع الخسائر البشرية إذ ذكرت المراكز الصحية عشرة شهداء وخمسًا وخمسين إصابة، وبين الشهداء طفلة خمسة أعوام، وامرأة مسنة.
إن ما شجع حكومة لبيد وغانتس على هذا الهجوم المباغت بغرض القتل وقوف الأحزاب الصهيونية على عتبة الانتخابات البرلمانية، وقد اعتاد الشعب الفلسطيني أنه كلما كانت هناك انتخابات صهيونية أن يكون الدم الفلسطيني المهراق ورقة انتخابية لمن يريد تحقيق فوز فيها. هذه ليست المرة الأولى التي تدفع غزة ثمنًا مبكرًا من دماء أبنائها للانتخابات الصهيونية.
لم تكن ثمة أسباب للعدو للهجوم المباغت على غزة، لذا حاول غانتس صناعة هذا السبب للاحتجاج به دوليًّا.
المهم لدى الفلسطيني ليس مكر العدو، وهجومه المباغت، فقد حدث ما حدث حتى الآن، فالمهم هو ما رد المقاومة، وكيف، ومتى. العدو الآن ومنذ أيام رفع درجة الخطر ومتطلباتها من الحذر، وتهيئة الملاجئ، وقد يحتاج قرار الغرفة المشتركة للمقاومة دراسة بيئة الرد جيدًا، لأن من آلمنا وقتل أبناءنا يجب أن يشرب من الكأس نفسه.
من حق المقاومة الدفاع عن الشعب، والرد على العدوان، ويجدر بالوساطات أن تدرك معادلات العدو ومكره التي يخدع بها جميع الأطراف، وألا تمارس ضغطًا على المقاومة بحجج مختلفة، بل يجدر بالوسطاء أن يعلنوا موقفًا صارمًا ورافضًا للهجوم المخادع الذي أوقع قتلى وجرحى. غزة تحترم الوسطاء ويجدر بالوسطاء أن يحترموا دماء غزة، وأن يقدروا للأمر قدره المناسب. رحم الله الشهداء، والشفاء للجرحى، والعزة لفلسطين.