فلسطين أون لاين

تقرير هل تتلقف السلطة "مبادرة الإنقاذ الوطني" للخروج من "المأزق الفلسطيني"؟

...
اجتماع للسلطة في رام الله
رام الله-غزة/ جمال غيث:
  • أبو غوش: جاءت المبادرة في لحظة انهيار كامل وتراجع في القضية 
  • الأسطة: سيتم تشكيل لوبي فلسطيني ضاغط على قيادة السلطة لإجراء التغيير
  • المصري: فشل الاتفاقات السابقة لتجاهل أهمية الاتفاق على البرنامج السياسي

طرحت فصائل وقوى وشخصيات فلسطينية خلال الأشهر والأعوام الماضية عدة مبادرات للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن وتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وكان آخرها "وثيقة الإنقاذ الوطني"، ولكن ما جمع هذه المبادرات هو تجاهل السلطة لها ومماطلتها في الاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وإصلاح منظمة التحرير.

وأطلقت 67 شخصية فلسطينية في مقدمتهم رئيس الملتقى الوطني الديمقراطي د.ناصر القدوة القيادي المفصول من حركة فتح، في 27 تموز/ يوليو، مبادرة سياسية لإنهاء الانقسام، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وتوحيده.

إقرأ أيضاً.. مبادرات الإنقاذ الوطني.. الانتخابات مدخلا لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني

وتطرح المبادرة تصوّرًا للتغيير الواسع والعميق، الذي يتضمن إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية خاصة منظمة التحرير، من خلال مجلس وطني جديد عماده الانتخابات العامة، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وتشكيل حكومة جديدة.

واعتبرت الوثيقة، أن الخطوة العملية لإنجاز ما سبق، يمكن أن يتحقق عبر عقد لقاء وحوار وطني يقود إلى التوافق على التصوّر وآلية الانتقال.

تراجع القضية

وتنبع أهمية مبادرة الإنقاذ الوطني، وفق الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش، أنها تأتي في لحظة انهيار كامل وتراجع كبير في القضية الفلسطينية خاصة بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة الذي تعامل معها باعتبارها شأنًا إسرائيليًّا أمنيًّا واقتصاديًّا وليس وطنيًّا.

وقال أبو غوش لصحيفة "فلسطين": إن المبادرة جاءت في ظل تراجع مكانة وشعبية وشرعية السلطة وحالة الانفلات التي باتت تعبّر عن نفسها في كل مجالات الحياة واستمرار التدهور الحاد في الحالة الفلسطينية والاستكانة السياسية.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي أن توقيت المبادرة مهم جدًا خاصة في ظل تردي الحالة الوطنية، مضيفًا: "في حال استمر الوضع على ما هو عليه سنشهد تصفية القضية الفلسطينية وإطالة معاناتنا إلى أمد طويل".

وذكر أن المبادرة تحاول التركيز على القواسم المشتركة لكل الأطراف الفلسطينية ولا تسعى لفرض وجهة نظر سياسية دون أخرى، لافتًا إلى أن المبادرة لا تتعامل فقط مع القوى الرسمية التي سبق أن اتفقت على المبادرات بل وتقر بوجود قوى جديدة في المجتمع.

وتقترح المبادرة، بحسب أبو غوش، صيغة عملية للخروج من المأزق الراهن كتشكيل هيئة توافقية انتقالية لمدة عام ثم تعيد الأمور إلى الشعب، والإقرار بأن النظام السياسي الفلسطيني وصل إلى مأزق لا يمكن الخروج منه إلا بإعادة بنائه والذهاب إلى صندوق الاقتراع. 

وأكد أن المبادرة تحتاج إلى جهد عملي، ويمتلكها الناس كي تتحول إلى قوة مؤثرة ضاغطة على أصحاب القرار لتنفيذها، مشددًا "نريد مبادرة تتحول إلى خطوات عملية على الأرض".

ضغط شعبي

بينما قال مدير مؤسسة "قامات" لتوثيق النضال الوطني الفلسطيني أنس الأسطة: إن وثيقة الإنقاذ الوطني جاءت للخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.

وأضاف الأسطة لصحيفة "فلسطين": إن الوثيقة جاءت في ظل حالة الانحدار التي يمر بها المشروع الوطني الفلسطيني، وتحسين الواقع الصعب الذي يعيشه أبناء شعبنا.

وبيّن أنه سيتم ومن خلال الشراكات مع المؤسسات والشخصيات الفلسطينية تشكيل لوبي فلسطيني ضاغط على قيادة السلطة من أجل إحداث تغيير يطلبه الشارع كإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإصلاح منظمة التحرير، وانتخاب مجلس وطني جديد يضم كل القوى الفلسطينية.

وتابع: إن ما يميز المبادرة أنها لا تندرج تحت مظلة شخص أو فصيل معين بل جاءت بإجماع من الشخصيات الوطنية والسياسية التي رأت بضرورة إجراء تغيير، لافتًا إلى أن المبادرة تضم كل الفئات الفلسطينية وهي مفتوحة على الجميع ولا تطرح نفسها بديلًا لأحد، وأبقت الشخصيات التي تبنت المبادرة، الباب مفتوحًا أمام جميع الأطراف التي تقبل الخطوط العامة المطروحة، خاصة الحاجة إلى التغيير الواسع العميق، وضرورة الذهاب إلى انتخابات عامة. 

أسباب الفشل

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري: إن فشل الحوارات والمبادرات الرسمية وغير الرسمية، لتعرض أصحاب هذه المبادرات للخسارة من القوى النافذة ومن أصحاب المصلحة باستمرار الوضع الفلسطيني السيئ المنقسم على نفسه بعمق على ما هو عليه.

وأضاف المصري لصحيفة "فلسطين" أن المبادرات التي سعت إلى إنقاذ القضية والشعب والمنظمة، أخذت أشكال الحوارات الفلسطينية الرسمية، وانتهت إلى اتفاقيات وقعتها الفصائل، وكانت كلية أو جزئية.

ومن الاتفاقات التي وقعتها الفصائل: وثيقة "الوفاق الوطني" في عام 2006، وإعلان صنعاء 2008، واتفاقية المصالحة في القاهرة 2011، و2017، وإعلان الدوحة 2012، وإعلان الشاطئ 2014، وحوارات موسكو 2019، وتفاهمات إسطنبول عام 2020، وأخيرًا حوارات الجزائر التي لم تستكمل في عام 2021".

واعتبر أن الاتفاقات والحوارات تجاهلت أهمية الاتفاق على البرنامج السياسي الوطني، وركزت على الجوانب الإجرائية والشكلية، مثل: تشكيل حكومة وفاق أو وحدة وطنية حينًا، أو الذهاب إلى الانتخابات حينًا آخر، أو عقد وتشكيل المجلس الوطني حينًا، كما وتجاهلت القضايا الجوهرية، كطبيعة المرحلة، والنظام السياسي الفلسطيني، وأهمية مراجعة التجارب السابقة قبل أوسلو وما بعده.