فلسطين أون لاين

الدوافع والكوابح الإسرائيلية لاندلاع حرب مع حزب الله بسبب الغاز

مع تعثر المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية بشأن ترسيم الحدود البحرية، ونشوب أزمة استخراج الغاز من البحر، تتصاعد التهديدات بين الاحتلال وحزب الله، وقد تنتهي بتصعيد لا يريدانه، ولا سيما مع إعلان الاحتلال أنه سيبدأ خلال شهرين في استخراج الغاز من حقل "كاريش" الواقع داخل المياه اللبنانية، ما يزيد من حدة الجدل الطويل والمعقد حول خط حدودهما البحرية.

مع أن اللبنانيين يريدون أن يتجه الخط جنوباً، ويمنحهم مساحة أكبر من الخط الإسرائيلي الذي يمتد شمالاً، وفي حين عرضت الولايات المتحدة، بصفتها وسيطًا في هذه القضية، حلاً وسطاً، قبله الاحتلال بالفعل، ويقترب اللبنانيون من قبوله، لكن موقف حزب الله، حال حتى الآن دون التوقيع على التسوية، على الأقل وفق المزاعم الإسرائيلية. 

يعتقد الإسرائيليون أن الأمر الآن بات ملحاً، لأن الشركة المالكة لحقوق الإنتاج من حقل "كاريش" الواقع في الجانب الإسرائيلي قرب المنطقة المتنازع عليها، تستعد لاستخراج الغاز من مياه البحر المتوسط ​​خلال شهرين، ما يزيد من حدة الضغط الذي يمارسه الجانبان على بعضهما في اللحظات الأخيرة، لانتزاع ما يمكن من تنازلات.

ورغم أهمية الأخذ بعين الاعتبار تهديدات الحزب، فإن التقدير الإسرائيلي أنها تأتي ضمن الحرب الدعائية، فلا مصلحة له في شن حرب اليوم على الاحتلال، لأسباب كثيرة، لكن الواقع الميداني العملياتي يدفع الجانبين لعدم منح الطرف الآخر فرصة الخروج منتصرا من أي حرب، كي لا يشجعه على التصعيد، ويشعر أنه يمكن أن يملي شروطه في المستقبل. 

صحيح أن التقدير الإسرائيلي السائد يرى أن الحزب لا يريد حرباً، لكن الجيش مطالب بأن يستعد لاحتمال أن يكون مخطئًا، أو أن ردود الفعل وردود الفعل المضادة تخرج عن السيطرة، وخلافًا لإرادة الطرفين، وحينها يدخلان في مواجهة عسكرية غير مرغوبة، ما سيؤدي لردود فعل حادة، وحينها تستحيل معرفة ما سيحدث، ما يستدعي من الاحتلال منح الوسيط الأمريكي الوقت الذي يحتاج إليه، حتى لو طلب تأجيل إنتاج الغاز لفترة محدودة.

ترصد المحافل الإسرائيلية تطورات الواقع اللبناني الداخلي بدقة واضحة، وكلها تشكل كوابح أمام الحزب لعدم الذهاب لمواجهة عسكرية، لكن في الوقت نفسه فإن مضي الاحتلال قدما في استخراج الغاز، كما هو مخطط له، دون التوافق مع لبنان، قد يُخرج الأمور عن السيطرة، خاصة أن دولة الاحتلال تدرك حقيقة ونوعية قدرات الحزب الكفيلة بإلحاق الأذى بها، مقابل أن ردها على لبنان سيكون أشدّ بعشرات المرات من الردّ في غزة، وهذه معادلة تجعل الجانبين، الحزب والاحتلال، يجريان نقاشات طويلة داخلية لتحصيل مشروعية أي عمل عسكري ضد الطرف الآخر.