إن الصمود المُستمر لأبناء فلسطين، على أرضها التاريخية، ومشاركة فلسطينيي الداخل في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، قد أهال التراب نهائيًّا على مشاريع «أسرلة» أبناء فلسطين في الداخل المحتل عام 1948 كما كان يسعى مؤسسو دولة الاحتلال الصهيوني.
في الصمود الدائم والمستمر للشعب الفلسطيني في الداخل، وخصوصًا في مدينة القدس، وباحات المسجد الأقصى، سقطت “الأسرلة” سقوطها الأخير والمدوي، بعد أن كانت تهوي بمراحل مُتدرجة طوال العقدين الأخيرين. فالشعب الفلسطيني في الداخل، ونقصد في المناطق المحتلة عام 1948، أعطى ثمار صموده بكسر وإنهاء مشاريع “الأسرلة”، أي “أسرلته” وتذويب هويته الوطنية الفلسطينية. وبالوحدة والتكاتف مع فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1967، وفي القدس بشكلٍ رئيسي، وأعلن على أرض الواقع أنه جزء أساسي من الشعب الفلسطيني، في ثنائية وحدة الشعب والأرض، ومعهما وحدة القضية الوطنية الفلسطينية والشتات الفلسطيني وحق العودة طال الزمن أم قصر.
لقد سقطت مشاريع “الأسرلة”، وتوحَّد أبناء الداخل الفلسطيني من عكا إلى حيفا إلى اللد إلى أُم الفحم مع الضفة الغربية، والقطاع، ومع الشتات الفلسطيني، فهرع أبناء الداخل من الفلسطينيين، بأعدادٍ كبيرة للدفاع عن القدس والأقصى، ونزل -على سبيل التوضيح- مُعظم مواطني مدينة أُم الفحم من الداخل باتجاه القدس وأقصاها. وهو ما دفع بالرئيس السابق لوحدات الـ”يمام” ونائب المفتش العام للشرطة “الإسرائيلية” من اعتبار الخوف موجودا، والخشية من اندماج ما “هو قومي بما هو جنائي” ، مُعتبرًا أن “جيل الشباب العربي يفقد ارتباطه بالدولة ويتأثر بالجهات المتطرفة” على حدِّ تعبيره. بينما عدَّت مصادر “إسرائيلية” يمينية ثانية: “أن وقوع المواجهات مع الفلسطينيين هو أمر حتمي في نهاية المطاف مع سقوط الأسرلة، ويبقى السؤال عن توقيت هذه المواجهات”.
إن المواجهات مع الاحتلال الأخيرة والمُستمرة، من قبل فلسطينيي الداخل، كان جهدًا استثنائيًّا، ومتكاتفًا مع الضفة الغربية والقِطاع، وهو ما دفع بالمؤسسة الأمنية “الإسرائيلية”، للقول بأن أجهزة الأمن في (إسرائيل) غير مُستعدة لخوض مواجهات شاملة مع (فلسطينيي الداخل) أي الفلسطينيين في مناطق عام 1948، في حالة اندلاع أي تصعيدٍ إضافي قد يتطور إلى معركة عسكرية في قطاع غزة أو في الجبهة الشمالية. هذه التقديرات سبق ونقلها المحلل العسكري “الإسرائيلي” في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، يوم 19/4/2022 عن مصادر أمنية وعسكرية وسياسية “إسرائيلية”. وذلك على الرغم من أن “الجيش الإسرائيلي” والشرطة قد اتخذوا خطوات “ليست بالقليلة” للاستعداد لمثل هذا الاحتمال.
ومع هذا نُشير إلى أن “أجهزة الأمن الإسرائيلية” اتخذت سلسلة من الإجراءات الأمنية لقمع مثل هذه الاحتجاجات والهبات والنهوض الوطني في المجتمع العربي، مثل تنظيم استدعاء سريع لعناصر الاحتياط في الشرطة وقوات “حرس الحدود”، وتحويل كتائب قتالية تعمل في الضفة الغربية للعمل تحت قيادة الشرطة في المدن “المختلطة”، واستبدالها بقوات عسكرية نظامية أو احتياطية، وإنشاء لواء احتياطي لقوات “حرس الحدود”، ولواءين إضافيين في السنوات المقبلة… إلخ.
وتأكيدًا لوجهة نظره، بتراجع قوة الردع “الإسرائيلية” الأمنية والعسكرية، مع تراجع، بل سقوط “الأسرلة”، ذهب المحلل والمراسل العسكري مراسل صحيفة “يسرائيل هيوم” يوآف ليمور، للقول إنه “في السنوات الثلاثين الماضية، تضاعف عدد سكان (إسرائيل)، لكن الشرطة وأدواتها، وعديدها، نمت وزادت بنسبة 20% فقط”، مشددا على ضرورة زيادة عدد قوات الشرطة بثلاثة أضعاف بما في ذلك القوات الخاصة وقوات ما يُسمى بقوات “حرس الحدود”.
بالنتيجة، إن الصمود المُستمر لأبناء فلسطين، على أرضها التاريخية، ومشاركة فلسطينيي الداخل في مواجهة الاحتلال والمستوطنين، قد أهال التراب نهائيًّا على مشاريع “أسرلة” أبناء فلسطين في الداخل المحتل عام 1948 كما كان يسعى مؤسسو دولة الاحتلال الصهيوني، من ديفيد بن جوريون إلى ليفي أشكول، إلى أبا ايبان، إلى جولدا مائير، إلى موشيه ديان… إلى نتنياهو… فالشعب الفلسطيني واحد وموحد، ولا يُمكن تقسيمه أو تجزئته ما بين مناطق 1948 ومناطق 1967 والشتات في دول الطوق المحيطة بفلسطين (الأردن + لبنان + سوريا).